القاهرة 16 ابريل 2015 الساعة 12:58 م
< مَدَد يا شيخ يونس يا قاضي..مَدَد
لسه الحاجات إياها مالية البلد !!
صلاح چاهين <
شم النسيم.. والقيامة
الربيع جاي السنة دي شكل تاني، وبدل ما نشوف اللي بنسميه الاعتدال الربيعي، شفنا حاجة شبه جو الانقلاب الخريفي، وده ما منعش الأقباط (مسلمين ومسيحيين) انهم يحتفلوا بالعيد المصري القديم شم النسيم (شمو)، وعيد القيامة المجيد، وما عكرش احتفالاتنا إلا عواصف الجهالة والجلافة والانحطاط الإجرامي اللي بتسيء لديننا وإنسانيتنا، وانا مش فاهم فين الدولة المدنية الحديثة من اللي حصل في قرية الناصرية في المنيا، وازاي مجموعة من اللي غررت بيهم فتاوي دعاة الضلال بيهاجموا بيوت الأقباط المسيحيين وكنائسهم، ويطالبوا برحيلهم عن بلدهم وبلد أجدادهم، والأجهزة الحكومية واقفة تتفرج بتخاذل يشبه التواطؤ، وشيوخ الأزهر الشريف ولا كأنهم هنا، لأنهم مهمومين بالتمكين لسلطتهم الكهنوتية أكثر من اهتمامهم بهداية الأرواح والنفوس لطريق الحق (الموحش لقلة السالكين).
وانا - برضه - مش فاهم فين الدولة المدنية الحديثة من غبار الفتاوي المضللة لدعاة التخلف المتسلِّف، اللي بتحرم وبتجرم احتفالات المصريين بشم النسيم، اللي بقي لنا آلاف السنين بنحتفل بيه، وانا - أصلا - مش فاهم ازاي المتخلفين المتسلفين دول، يبقي عندهم غلاضة العين والبجاحة دي، عشان يقولوا اللي بيقولوه، بعد كل الكوارث والفتن اللي اشعلوها في مصر والمنطقة كلها، بس ارجع واقول، العيب مش فيهم همه، العيب في أجهزة هذه الدولة القديمة المتعفنة، اللي دعتهم للحضور في مشهد 3 يوليو، برغم انهم كانوا شركاء لاخوان يهوذا في دولتهم، وكان بعض قياداتهم ومعظم قواعدهم ماليين ميادين النهضة ورابعة، ويبدو لي ان أجهزة هذه الدولة القديمة المتعفنة لسه حريصة علي اشراكهم في إفساد الحياة السياسية بحزبهم الديني، برغم ان الدستور بيمنع قيام احزاب علي أساس ديني.
الشعوب.. لا بتموت
ولا بتنسي !
اللي جري ف أمريكا اللاتينية الشهر ده يملا قلب الانسانية كلها فرحة وأمل، مفيش قوة في الدنيا تقدر تكسر إرادة الشعوب وعشقها للحياة والحرية، والوصفة السحرية لصمود الشعوب وانتصارها، وحدة صفوفها حوالين قيادة سياسية من ولادها الثوار، وخد عندك كوبا مثلا، علي مدار القرن التسعتاشر ونص القرن العشرين، كانت الرأسمالية الأمريكية وشركة الفواكه المتحدة بتعتبر أمريكا اللاتينية كلها الحوش الخلفي للولايات المتحدة الأمريكية، حوش يلعبوا فيه بالبلاد والشعوب زي ما هم عايزين، يدبروا انقلابات، ويقيموا حكومات، ويوقعوا حكومات، ويستعبدوا الناس، وينهبوا الخيرات، لغاية ما طلع لهم كاسترو الكوبي وجيفارا الأرجنتيني، وثار شعب كوبا واتحرر من قبضة الاستعمار، واشتعلت حروب العصابات الثورية في عدد من بلدان امريكا اللاتينية، وصحيح قدرت الولايات المتحدة وعملاؤها يدبروا المؤامرات والانقلابات لغاية ما رجعوا امريكا اللاتينية تاني للحظيرة الاستعمارية، حتي الراجل الطيب سلفادور الليندي اللي وصل للسلطة في شيلي بانتخابات ديموقراطية نزيهة، ماعجبهمش وتآمروا مع الجنرال بينوشيه وانقلبوا عليه وقتلوه، زي ما قتلوا جيفارا في بوليفيا قبله بسنين، ما فضلش صالب طوله وواقف علي رجليه في أمريكا اللاتينية كلها إلا فيدل كاسترو وشعبه اللي حواليه، وبرغم ان الامريكان محتلين جزء من بلاده اللي هوه جوانتانامو، إلا ان كوبا فضلت محتفظة بارادتها المستقلة ومسيرتها التنموية اللي حققت لشعبها درجة من درجات التقدم والعدالة الاجتماعية (خاصة في أمور التعليم والثقافة والرعاية الصحية)، وبرغم الحصار اللي فرضته الولايات المتحدة علي كوبا أكثر من خمسين سنة، إلا ان كوبا فضلت تساند حركات التحرر اللي رجعت تجتاح أمريكا اللاتينية، وبعد نجاح شافيز في فنزويلا، اتسعت دايرة النضال ضد الهيمنة الأمريكية، واستفادت الشعوب من تجاربها السابقة، ووصلت عدد من القيادات الثورية ( المؤمنة بالاستقلال والعدالة الاجتماعية) لمقاعد السلطة في عدد من بلدان أمريكا اللاتينية بانتخابات ديموقراطية حرة.
وف أوائل الشهر ده، رجعت كوبا تشارك في مؤتمر دول الأمريكييتين، لأول مرة من ساعة ما اتفرض عليها الحصار (من أكتر من خمسين سنة )، ولقينا أوباما بيتقابل مع راؤول كاسترو (أخو فيدل اللي بيكمل مشواره)، وبينشال الحصار اللي كان مفروض علي كوبا، وده يورينا ان مفيش قوة تقدر تكسر إرادة الشعوب وعشقها للحياة والحرية، وان الحكام والحكومات بيتغيروا ويموتوا، بس الشعوب عمرها ما تموت، إلي ان يرث الله الأرض وما عليها.
وف أوائل الشهر ده - برضه - انعقد مؤتمر شعوب امريكا اللاتينية، واشتعلت المظاهرات والاحتجاجات الشعبية ضد مشاركة الجنرال رودريجز في المؤتمر، لأن الراجل ده هوه اللي قتل جيفارا في بوليفيا من تمانية واربعين سنة، وده يورينا ان الشعوب ما بتنساش لا أبطالها ولا اللي خانوها، ودي هيه الرسالة اللي بتبعتها امريكا اللاتينية لكل الشعوب ولكل الطغاة في عالمنا : الشعوب.. لا بتموت ولا بتنسي.
أوراق قديمة
في أيام الصبا الباكر، وانا طالب صغير في مدرسة احمد ماهر الثانوية، بالمطرية دقهلية، علي ضفاف بحيرة المنزلة، جمعتني صداقة متينة مع واحد من أنقي وأنبل أبناء زماني، صار بعد سنوات قليلة واحد من شهداء مصر والعروبة والإنسانية، كان أكبر مني سنتين تلاتة، وكان سابقني في الدراسة سنة، بس كانت بتجمعنا شلة أصحاب، وكنا - بعد المدرسة - بنتمشي سوا في شوراع البلد، أو نقعد علي شط البحيرة في الأماسي وليالي القمرة، وما كناش بنبطل كلام ولا أحلام، كان اسمه عبد المنعم سند، واستشهد في حرب اليمن سنة 1963.
قبل ما يخش امتحانات الثانوية العامة، كنا علي شط البحيرة، وسألته السؤال المعتاد؟ ناوي علي ايه يا منعم ؟، ورد بسرعة غير متوقعة : ح اجيب ان شاء الله مجموع كبير وح اقدم ع الحربية، وإجابته ادهشتني، لأن اللي بيجيبوا مجموع كبير كانت أحلامهم بتدورحوالين كليات القمة، اللي كانت علي أيامنا الطب والهندسة، أما اللي مالهمش تقل أوي ع الدراسة ووجع القلب، واللي متأكدين انهم مش ح يجيبوا مجموع يؤهلهم لكليات القمة، فدول هما اللي بيتمنوا دخول الكليات العسكرية، فدي اللي ح تكفلهم وظيفة ميري محترمة بعد سنتين دراسة، واثناء الدراسة ح يبقي لهم زي أنيق متميز، ببنطلون بشريطة ملونة، وده بيخليه فارس أحلام المراهقات اللي عقولهم علي أدّهم، ولما ابديت دهشتي لمنعم: واشمعني الحربية ؟! وسمعت منه إجابة عمري ما سمعتها من حد قبل كده، ولا بعد كده، قال لي : كل الشعوب والبلاد القوية والناهضة، عندها قادة عسكريين عظام، انجلترا عندها من سير فرانسيس دريك، لغاية تشرشل ومونتجمري، وفرنسا عندها من نابليون لديجول، والمانيا عندها من فون مولتكه لروميل، واحنا ف تاريخنا القديم كان عندنا أحمس وتحوتمس التالت، وعلشان نبقي بلد قوي ومتقدم، لازم نستعيد أمجاد العسكرية المصرية، ومع إجابته المطوّلة المتدفقة ازدادت دهشتي، واعجبت بإلمامه بتاريخ العسكرية اللي ما كنتش أعرف عنها حاجة، وادركت انه مسكون بحلم استعادة أمجاد العسكرية المصرية، والفعل نجح منعم بمجموع، واتقدم للحربية، ونجح في الاختبارات، وبقي طالب حربية، وانهي دراسته، وانهيت أنا دراستي الثانوية، والتحقت بهندسة الاسكندرية، وبعدين حوّلت لهندسة القاهرة، وباعدت بيننا الأيام، بس كانت اخباره بتجيني، كان عمال ياخد فرق خاصة، اشي مظلات واشي صاعقة، وخد بعض الترقيات الاستثنائية، لحد ما قامت ثورة اليمن، وراح الجيش المصري لمساندة الشعب اليمني، وكان منعم من بين ضباط جيشنا المتميزين في هذه الحرب، وفي الحرب دي كنا بنساند «السلال» السني !، وكانت السعودية بتساند الإمام الحوثي !! (وسبحان مغيّر الأحوال)، وكانت بتشتري زعماء القبائل لضرب الجيش المصري، وعملت جايزة مليون ريال للي يجيب لها رقبة عبد المنعم سند، وجاني خبر استشهاده، ، ولقيتني مقهور وبابكي بدل الدموع دم بيتحول بقدرة قادر لقصيدة كتبتها ونشرهالي عم صلاح چاهين في المربع المخصص له في الأهرام.
عبد المنعم سند
كان ماسك بندقيه
وف خدّينه ابتسامه
وف كل عين حمامه
وخطوته الصبيه
بتدبدب ع الجبل
وضحكته العفيه
بتضلل ع اليمن
عبد المنعم سند
طالع زي الأسد
خد بالك يا زمن
خد بالك يا يمن
ابنك جاي من بعيد
سيف بن ذي يزن
جاي لك م المطريه
بالعيد من بورسعيد
وحمام من الصعيد
جاي يطلق الحمام
من بندقيته
خد بالك يا سلام
ابنك فوق الجبل
خد بالك يا أمل
ابنك طالع لفوق
لفوق لفوق أوي
أعلي من كل شوق
والريح بيتلوي
سند طالع لفوق
فوق دايرة الأجل
خد بالك يا يمن
ابنك بيتقتل
ومش لاقي الكفن
مالحقش يبوس حبيبه
ولا يخطب خطيبه
ولا يقابل صحاب
لكن ودمه سايل
بيسرسب ع الجبال
ويصبغ السحاب
حدف عينه الشمال
للعالم الوسيع
وصلي بابتهال
للسلم والربيع
والناس.. وللبيوت
وبص للي خانه
قال له.. (لجلك باموت)
ونجم من السما
في اليمن الجديد
صلي له.. واترمي
يبوس دم الشهيد.