القاهرة 16 ابريل 2015 الساعة 12:38 م
منذ أيام قليلة قرأت تقريرا يكشف علميا سر قدرة الحرباء على تغيير لون جلدها فى غضون دقائق قليلة، ووجدت فى صياغة الخبر الذى طيرته وكالات أنباء عالمية وتخطفته مواقع انترنت وصحف وتليفزيونات ومجلات وبشر بلا حصر، هفوةً جانبت الدقة عندما ذكر التقرير أن «ذكر الحرباء البالغ فقط هو القادر على تغيير لونه، وغالبا ما يحدث ذلك عندما يرى منافسا ذكرا أو خلال مغازلة حرباء أنثى»، والدقيق والأصح أن أنثى الحرباء أيضا قادرة على تغيير لون جلدها، الفارق أن تغيرات لون جلد الذكر تكون أزهى وأسطع وأكثر إبهارا، لهذا يُفضِّل هواة مُساكنة الحيوانات ذوو الدراية والخبرة أن يقتنوا ذكور الحرباء لا إناثها، كما، وعلى غير ما جاء فى التقرير،لا يتلون ذكر الحرباء لداعى منافسات وعروض التزاوج وحدها، فالحرباء تلعب بتغيير لونها عند إحساسها بأى خطر، وتتماهى مع الخلفية التى تقف عليها التماسا للتخفِّى والأمان. ولقد اكتشفت بعد رحلة طويلة فى أدغال التعرف على المخلوقات غير البشرية، كم أننا نحن ذكور البشر مُدلَّلون ومستكبرون وأكثر غرورا وخطورة على البشرية ذاتها، وحديثى هاهنا موقوف على المضاهاة مع إناثنا اللائى هن ــ علميا ــ كائنات هائلة التكوين، ويكفى أن أذكر حقيقة وراثتنا لمولدات الطاقة فى مليارات خلايانا والمسماة «ميتوكوندريا» من أمهاتنا فقط وليس الآباء على وجه الإطلاق، فنحن مدينون بطاقة كل خفقة قلب وشهقة نفس وخطوة قدم ولمسة يد وكل ما يمنح حياتنا حرارة استمرارها، لأمهاتنا، أول إناث حياتنا، وأعظمهن على الأغلب.
لقد استوقفتنى كثيراً ولا تزال طقوس وصيرورات التزاوج فى ممالك الحيوان المختلفة، حتى فكرت فى تأليف كتاب كبير عن هذا العالم العجيب، لكننى تكاسلت، وربما خشيت أن أُتهم بالمجون! أو الجُنون! وكفانى فى ذلك أن كنت أعرض ما لدىَّ على عدد قليل من أصدقائى الصدوقين، الساخرين منهم على وجه التحديد، والذين أفتقد أعزهم كثيرا فى ضوضاء وهيجاء ما نحن فيه، وأتذكر قهقهاتنا العارمة حيال أعاجيب ذلك العالم، وكيف كانت القهقهات تُفضى بنا إلى الذهاب بعيدا وعميقا فى أحوال البشر الذين غرَّهم الغَرور. ذكر النحل يدفع حياته كلها ثمنا لخطفة عناقٍ هوائىٍّ واحد مع الأنثى، والطاووس يتريش بمروحة ذيل أسطورى البذخ لعله ينال رضا فرخةٍ فى نصف حجمه برغم أن هذا الذيل قد يكلفه حياته إذ يحجب عنه الأخطار التى تترصده من الخلف، والأسد الذى هو ملك وهمى فى حقيقته الأعمق يتغندر بعُرف مهيب وزئير مرعب لكنه عندما ترفضه لبؤة إثر هزيمة من أسد مُنافِس يتحول إلى متشرد وحيد، ولا يجد من يلم شتاته غير واحدة من أخواته، لكن زوجها وشباب عائلته من السباع لا يقبلون بطريد الحب هذا إلا فى موقع «البيبى سِتَر» يرعى أشبال العائلة ويحرسهم مقابل اللقمة والونسة!.
أما فى دنيا الأسماك، خاصة أسماك ظلمات البحار السحيقة ومجاورى الشعاب المرجانية، فذكور سمكة «أبوصنارة» ذوو الحجوم بالغة الضآلة مقارنة بالأنثى العملاقة يقدمون أنفسهم قرابين قربها، فيلتصقون بجلدها ليمتصهم هذا الجلد ولا يسمح إلا بنفاذ أجهزة ذكورتهم لتخصيب بيضها داخليا، فيما يتحولون إلى محض ندوب ميتة تُرقِّش هذا الجلد وتُحصى عدد من انتحروا جنونا بوصالها! دنيا عجيبة يقوم فيها ذكر «حصان البحر» بالحمل فى «جراب» حىٍّ خارج بطنه ويلد منه عندما يجيئه «الطلق» بدلا من الأنثى! ويتناوب أفراد سمك «الراس» و«المهرج» دور الذكور والإناث عضويا وسلوكيا بجدول محسوب وويل لمن يتشبث بخيلاء ذكورته، فهو يُنفىَ ويضيع وحيدا فى بحار الظلمات. أما الأعجب فهو أنثى لكائن من كائنات مستنقعات غابات شجر المانجروف، تبتلع الذكر ليظل فى ظلمات بطنها يلبى إشارتها متى ما احتاجت خدمات ذكورة حضرته! ألسنا فى نعمة؟
نعم فى نعمة، وللأسف لا نعرف هذه النعمة إلا بعد إمعاننا فى الإساءة الحمقاء لنصفنا الحلو، والذى برغم حلاوة خلقته الفطرية يتجمل أكثر لعلنا نرضى، إنه تواضع عظيم من كائنات عظيمة لا يُدرك أسرار عظمتها إلا من هداه الله بعلم يلهم البصيرة أو إشراق يلبى نداء إكرام النساء اللائى لا يكرمهن إلا كريم ولا يهينهن إلا لئيم. واللؤم صنو الجهالة. وما ذكرته إلا مفردة من مفردات العدل والإنصاف مع شقائقنا من ورود الأرض ورياحين الجنة، عدل وإنصاف يُهدى إليه العلم عندما يدعونا بحقائقه إلى أن نتواضع. وهذا شأن المعرفة العلمية كلها، فى أعماقها لا على سطوحها، ومن يعرف يُدرك أن شرور عالمنا كلها مبعثها الغرور، والذكور أشهر وأكثر أدوات الغرور، ولن تجد متغطرسة مغرورة إلا وبها مسحة ذكورة، ليس على المستوى العضوى فقط، بل فى العمق النفسى أيضا، وتقسيم السلطة إلى نوعين، سلطة الأب أو «البطريركية» وسلطة الأم أو «الماتريركية»، يطابق المعطيات العلمية العضوية فى الفروق بين الذكورة والأنوثة، كلاهما مطلوب لتوازن الحياة واعتدال الدنيا إنما بمقدار، فسلطة الأب هى الصرامة والنظام والميل إلى أبناء دون غيرهم لأسباب مِزاجية سلطوية على الأغلب، بينما سلطة الأم هى الحدب والرعاية وعدم التفرقة كون كل ذريتها فى مقام واحد، فهم أبناء بطنها، قِطعٌ من لحمها والروح. وعندما تجنح الذكورة يولد الطغيان والحروب والتوحُّش، وهو ما لا تقدر عليه الأنثى إلا إذا كانت تخبئ ذكرا رعديدا خلف قناع أنوثتها!
كانت هذه مجرد لمحة مما يمكن أن تمنحه ثقافة العلم من تواضع للإنسان عامة والرجال خاصة، كما أن ثقافة العلم هذه قادرة على هداية من كان قلبه سليما إلى تواضعٍ آخر عبر بعض المعرفة بعلم الكونيات أو الفيزياء الكونية، لنكتشف هول ما نجهل مقارنة بضآلة ما نعلم، فكل ما يعلمه علماؤنا من الكون المنظور والمحسوب فيزيائيا لا يتعدى 4% تمثل كل ما نراه وما نستدل على وجوده من مجرات ونجوم وكواكب، بينما هناك 96 % مادة وطاقة مجهولتين تحيران أعتى الألباب. لهذا أعتقد أن نظرة واحدة عميقة ومزودة بقليل من العلم أو الحدس إلى سماء الليل تُحيل الناظر إلى موقف التواضع إذا كان نقى السريرة صادق الحس. لهذا لا أرى فى قسوة وتغطرس الطغاة والحكام المستبدين والمتطرفين دينيا والمتحجرين أيدلوجيا وطلاب السلطة من كل بُدٍّ وبكل وسيلة إلا عبودية للغرور.
أما الموضوعية التى تمنحها ثقافة العلم، فهى أحوج ما نحتاجه الآن فى ظل هذا الاستقطاب السياسى والاجتماعى المقيت، الذى بدأته بالمساومة مع المجلس العسكرى جماعة الإخوان ــ لا جميع أفرادها ــ وأَضْرابها من دهماء غزوة الصناديق وجمعة قندهار، ولقد تفاقم هذا الاستقطاب ببروز النظير على الجانب الآخر بعد ثورة 30 يونيو فى إعلام المَعَ والضد، ليُحشَر غالبية الناس ذوى الحس العادل والمتواضع بالفطرة بين ضفتين من الغوغائيين والهمج، كلاهما وجهان لعملة واحدة رديئة، متربصين من ناحية ومطبلين من ناحية أخرى. لهذا كله، وتعبيرا عن الاعتذار عما قد أكون ارتكبته من أخطاء فى الحساب وحسن الظن، رحَّبت أن أقوم بدور فى هذه الصفحة المكرسة لثقافة العلم التى لا أراها إلا متقاطعة مع الحياة، على الأقل فى إطار إثارة الدهشة التى هى أول الحكمة، وما من حكمة إلا حافظة للحياة. دور أقبله كواجب عام فى مجال أحبه وأحسبه يساهم فى عقلانية التفكير وموضوعية الحُكم على الأمور، وإن كنت لن أَقْهَر طبعى، كونى كائنا من ثلث البشرية الذى يشعر كل فرد فيه بأنه يكون فى أفضل حالاته عندما يعمل منفردا، فى الظل، وطبقا لبرنامج خاص من داخله، لا غرورا ولا هروبا، لكن هذه هى خلقته وتلك حدوده، وطوبى لمن يتصالح مع فطرته وحدوده ولو متأخرا. هكذا يسعدنى أن أكون هنا، كل خميس، بمساحات مختلفة تبعا للضرورة، أعاون الصحفى الشاب «محمد منصور»، الشغوف بثقافة العلم والمهندس تأهيلا، لأكون ضيفا وشريكا بالمشورة، متى ما حسنت الضيافة وطابت المشورة!
آه، نسيت أن أذكر تفسير الفيزياء لتلون الحرباء تبعا لما ورد فى ذلك التقريرالعلمى الحديث، ويقول: «إن لدى الحرباء طبقتين من خلايا الجلد مشابهة لخلايا الكريستال، تُغيِّر بتحركها طريقة انعكاس الضوء، فعندما تكون الحرباء مسترخية تكون الخلايا قريبة من بعضها البعض، وهذا يعكس الضوء ذا الموجة القصيرة مثل اللون الأزرق، أما عندما تشعر الحرباء بالإثارة، فالمسافات بين خلايا الجلد تتوسع وتعكس أضواءً ذات موجات أطول كاللون الأحمر أو البرتقالى»! ولم يذكر التقرير تلك الحالة التى تتحول فيها الحرباء إلى كرنفال من الألوان، طويلة الموجة وقصيرتها، كما فى الصورة المصاحبة؟! وليس عندى لذلك تفسير!
مائع ويقاوم الرصاص
أعلنت شركة «موراتكس» البولندية عن عزمها ابتكار دروع سائلة تقاوم المقذوفات ذات السرعات العالية وتمنع اختراقها للجسم البشرى، تتميز تلك الدروع بقدرتها على تشتييت الرصاص على مساحة واسعة بفضل ارتفاع نسبة لزوجتها، التى تُزيد شدة الترابط بين الجزيئات، الأمر الذى يجعلها تُشكل مانعا صلبا أمام أى مقذوف.
من الألومنيوم أكفأ وأرخص
تمكن مجموعة من علماء جامعة «ستانفورد» الأمريكية من اختراع أول بطارية عالية الأداء من الألومنيوم، تتميز بإمكانية شحنها بسرعة، وطول عمرها الافتراضى علاوة على رُخص ثمنها، ويقول الباحثون إن التكنولوجيا الجديدة يمكن أن تحل فى المستقبل القريب محل بطاريات الليثيوم والبطاريات القلوية المستخدمة على نطاق واسع فى عالمنا اليوم.
المتوسط بالبلاستيك يختنق
أفادت دراسة جديدة بوجود نحو 1000 طن من المخلفات البلاستيكية غير القابلة للتحلل عائمة على سطح البحر المتوسط، وقالت الدراسة إن تلك المُخلفات تمثل خطرًا كبيرًا على بيئة المتوسط الإحيائية شديدة التنوع، إذ عُثر على مواد بلاستيكية فى بطون الأسماك والزواحف والحيتان الأمر الذى قد يؤدى إلى نفوق العديد منها.
المفاجأة حليب المعرفة
أثبت باحثون فى علم النفس المعرفى أن المفاجأة عنصر حاسم فى عملية تعلم الأطفال الرُضع، فعندما يفاجأ الطفل بشىء ما لا يتصرف على النحو المُتوقع، لا يركز الطفل على ذلك الشىء فحسب، بل يُجاهد لتعلم المزيد حوله، ويحاول التنبؤ بسلوك غيره من الأشياء، وهو ما يرفع قدراته المعرفية ويُساهم فى زيادة نسبة ذكائه.