القاهرة 1 ابريل 2015 الساعة 02:28 م
• لجنة مشاهدة مهرجان الأقصر للسينما الإفريقية منحت شرف المشاركة لأفلام استبعدها أعضاء لجنة التحكيم «لسوء المستوى» !
من دورة إلى أخرى يكتسب مهرجان الأقصر للسينما الأفريقية أرضية جديدة في العمق الأفريقي،وينجح في توطيد العلاقة بين أبناء النيل والأشقاء في القارة السمراء،وهو الأمر الذي يتجلى،بقوة،في الحشد الجميل للأشقاء المشاركين بأفلامهم في مسابقتي الأفلام القصيرة والطويلة، والمائدة المستديرة، وورشة النقد السينمائي، وإشراف المخرج الأفريقي الشهير هايلي جريما على ورشة صناعة الفيلم بمعاونة فريق من شباب السينمائيين الأفارقة، ومشاركة 21 شابا وفتاة من شتى دول القارة يجمعهم عشق السينما، وطموح لا ينتهي في تغيير الصورة الذهنية الغربية للأفريقي «الأسود» الذي خُلق لأن يكون عبداً للسيد «الأبيض» !
نجح المهرجان في تحقيق رسالته، ودعمها بتدشين صندوق «اتصال»، الذي لم يكتف بتشجيع الموهوبين،عبر عرض أفكارهم،وإنما قطع خطوة أكثر عملية بتقديم الدعم المادي لهذه الأفكار، والإسهام في خروجها للنور،من خلال تفعيل إنتاج ستة أفلام قصيرة (أربعة أفلام تسجيلية وفيلمان روائيان)،كما شهدت الدورة الرابعة (16 – 21 مارس 2015)، التي اختتمت أعمالها منذ أيام تدشين برنامج «ستيب»،الذي يستهدف تطوير الأفلام (الفيلم الأول أو الثاني)، وتقديم منحة تتراوح ما بين خمسة وثمانية ألف دولار يتم تخصيصها لصاحب الفيلم الفائز في ورشة التطوير التي يقيمها المهرجان، بقيادة «فيلم إنيشياتيف» وإشراف الفرنسية إزابيل فوفيل خبيرة التطوير الفرنسية، ولجنة تحكيم تضم مبدعين مصريين .
زخم بمعنى الكلمة، وطفرة كبيرة بالفعل ،لا يمكن لمنصف تجاهلها،لكن شهدت الدورة الرابعة – في المقابل – ترهلاً إدارياً،وثغرات تنظيمية،لا يمكن إنكارها،أو غض الطرف عنها،بل يستوجب من إدارة المهرجان المتمثلة في «الرئيس» سيد فؤاد و«المدير» عزة الحسيني النظر إليها بعين الاعتبار لكي يمكن تداركها،قبل أن تستفحل،وتخصم من رصيد المهرجان «الذي ولد عملاقاً» !
أول هذه الثغرات تمثلت في لجنة المشاهدة،التي كانت كريمة للغاية في منح شرف المشاركة لأفلام غير مؤهلة،سواء من حيث الرؤية الفكرية أو اللغة السينمائية،للمنافسة على جوائز المهرجان،وهو ما كشفت عنه العروض اليومية،وأتصور أنه كان سبباً في استياء بعض أعضاء لجنة تحكيم المسابقتين، ودفع بعضهم إلى استبعاد عدد من الأفلام في التصفية الأولى «لسوء المستوى» !
إشكالية يمكن تجاوزها، بسهولة، في حال إطلاق يد أعضاء لجنة المشاهدة ل «الضرب بيد من حديد» على الأفلام السيئة ، وحرمان أصحابها من نيل شرف المشاركة في مهرجان دولي لمجرد التباهي بهذا الشرف،والمتاجرة به بعد إدراجه في السيرة الذاتية لهم،بعيداً عن الطموح المشروع في الفوز بجائزة ما .
أما الثغرة الثانية فتتجلى،بقوة،في المجاملات الصارخة التي تدفع إدارة المهرجان للترحيب بأفكار لا تنسجم وطبيعة المهرجان،ولا مكان لها في تظاهراته،كالقبول بفكرة تنظيم ورشة ل «تعليم التفكير» لا يمكن الاقتناع بأن ثمة علاقة بينها وصناعة السينما؛بدليل أن الصحفيين المكلفين بتغطية المهرجان واجهوا صعوبة بالغة في إقناع رؤساء صفحات الفن في الصحف التي يعملون لحسابها بنشر أعمالها أو التوصيات التي أسفرت عنها،بعكس ما جرى في المائدة المستديرة التي تناولت «المشاكل والتحديات التي تواجه النقد السينمائي في إفريقيا»،وكانت محل اهتمام الصحفيين والنقاد على حد سواء !
في هذا السياق لابد أن يتساءل المرء عن العلاقة بين «مهرجان سينمائي» وتكريم الأمهات في «عيد الأم»،حتى لو قيل إن المهرجان استثمر المناسبة لتكريم الفنانة نهال عنبر؛فالزج بالمهرجان في مناسبات عامة فيه الكثير من التعسف،والابتعاد عن هدفه المرسوم، بعكس المبادرة النبيلة التي تبناها المهرجان،وتمثلت في اختيار المخرجة شويكار خليفة أستاذ الرسوم المتحركة للقيام بجولة في مدارس الأقصر عرضت فيها أفلام التحريك (صلصال وعرائس وغيرها) على الأطفال،بهدف تنمية حاسة الفرجة والتذوق لديهم،وحثهم على التجاوب مع فن السينما، واكتشاف المواهب الدفينة فيهم،كما حالف التوفيق إدارة المهرجان في تخصيص يوم يُدعى إليه عُمد ومشايخ وكبراء محافظة الأقصر،التي تستضيف فعاليات المهرجان،وتخلو من وجود دار عرض واحدة للأفلام السينمائية !
الأمر المؤكد أننا بصدد مهرجان عظيم الأهمية،نبيل الرسالة،والهدف،ولا ينبغي أن تعكر صفوه،أو تعطل استمرار مسيرته،مثل هذه الأخطاء البسيطة،والساذجة،التي من بينها – مثلاً – عرض أحد أفلام المسابقة باللغة الفرنسية،ومن دون ترجمة إلى الإنجليزية،كما حدث في فيلم «عين العاصفة» (بوركينا فاسو)،وهو ما تسبب في مشكلة لعدد من أعضاء لجنة التحكيم،ومن ثم فإدارة المهرجان مُطالبة، فور انتهاء أعمال الدورة الرابعة، بتقييم فعالياتها، والوقوف على أخطائها، سعياً وراء تدارك سلبياتها، وهي مازالت في المهد،مع ضرورة الإنصات للأصوات العاقلة من محبي المهرجان،الذين يتمنون له الخير والمزيد من التقدم،من دون الانسياق وراء القول بإنهم «أعداء النجاح» !