القاهرة 03 مارس 2015 الساعة 02:35 م
شهدت مكتبة الإسكندرية اليوم افتتاح المنتدى الدولي السادس للنقوش والخطوط والكتابات في العالم عبر العصور "عصور ما قبل التاريخ في الوطن العربي وإفريقيا – الدورة الثانية "، والذي ينظمه مركز دراسات الكتابات والخطوط بمكتبة الإسكندرية في الفترة من 2-5 مارس 2015.
يعرض المنتدى أبحاثًا عدة من مختلف الدول العربية كالسودان والكويت والجزائر والمغرب والعراق ومصر والأردن واليمن، وكلها أبحاث جديدة تكشف عن كل ما هو جديد في مجال الرسوم والنقوش الصخرية في إفريقيا والوطن العربي.
افتتح المنتدى كل من الدكتورة عزة الخولي؛ رئيس قطاع البحث الأكاديمي بمكتبة الإسكندرية، والدكتورة كريستيانا كولر؛ الأستاذة بجامعة فيينا بالنمسا، والدكتور زيدان كفافي؛ الأستاذ بقسم الآثار جامعة اليرموك، والدكتور عصام السعيد؛ مدير مركز دراسات الكتابات والخطوط بمكتبة الإسكندرية، والدكتور محمد مصطفى؛ رئيس الإدارة المركزية للآثار الغارقة، بالنيابة عن الدكتور ممدوح الدماطي وزير الآثار، واللواء محمد عبد الرازق؛ رئيس حي وسط، نيابة عن هاني المسيري محافظ الإسكندرية.
وتقدمت الدكتورة عزة الخولي بالنيابة عن الدكتور إسماعيل سراج الدين؛ مدير مكتبة الإسكندرية، بالشكر لمنظمي المؤتمر والحضور. وأعربت عن سعادتها لوجود عدد كبير من الطلبة ضمن الحضور، مؤكدة أنهم هم من سيقوموا بإثراء المنتدى. وأوضحت أن المنتدى يلقي الضوء على حياة الإنسان القديم من خلال دراسات وأبحاث هامة. وأكدت أنها تأمل أن تكون تلك الأوراق نواة لعمل جاد لإحياء دراسات عصور ما قبل التاريخ خاصة للأجيال الشابة من الباحثين.
وأكدت أن المنتدى يتوافق مع أهداف مركز الخطوط والذي يهتم بدراسة تطور النقوش والكتابات حتى العصر الرقمي، ودراسة جماليات الخطوط والنقوش كوسيلة للتعبير الفني الراقي. ولذلك فكان من الضروري إلقاء الضوء على الرسوم والنقوش الصخرية لعصور ما قبل التاريخ في إفريقيا والوطن العربي. كما أوضحت أن قطاع البحث الأكاديمي بمكتبة الإسكندرية يهدف أن تكون المكتبة مؤسسة توفر مناخ بحثي جاد للباحثين داخل وخارج مصر، بحيث تدفع عجلة التقدم العلمي وتساهم في نشر الأبحاث العلمية الجادة.
ومن جانبه، قال الدكتور محمد مصطفى إن التخصص موضوع المؤتمر هو تخصص نادر في مصر بشكل عام وفي وزارة الآثار بشكل خاصة، مؤكدًا أن هذا الفرع الذي يبحث في أصول الحضارات هام جدًا، حيث يمكننا من معرفة جذور الجماعات التي استوطنت أماكن جغرافية مختلفة ونتاجهم الحضاري من خلال النقوش والخطوط.
وأضاف أن وزارة الآثار أنشأت إدارة مركزية في هذا المجال واهتمت بتوسعة مساحة العمل فيه خاصة مع انتشار المشاريع في الصحراء الشرقية والغربية، وأهمها مشروع الفيوم الذي كشف عن بقايا آثار نقوش من ما قبل التاريخ في بحيرة قارون.
وصرح الدكتور عصام السعيد أن الأبحاث المقدمة في المؤتمر والتي بلغ عددها خمسون بحثا، تتناول موضوعات جديدة حول أحدث الاكتشافات للرسوم والنقوش الصخرية والتي تشمل الرسوم والنقوش الصخرية ودورها في نشأة الكتابة، وهجرة الإنسان الأول من القارة الإفريقية، فضلا عن السمات الحضارية لآثار عصور ما قبل التاريخ في الوطن العربي وإفريقيا، وحضارات ما قبل التاريخ في العالم.
وفي كلمته، أوضح الدكتور زيدان كفافي أن فترات ما قبل التاريخ في إفريقيا ينوف عمرها عن ملايين السنين، مبينًا أن الإسكندرية من المناطق التي كانت على تواصل دائم مع غيرها عبر العصور، وهي مركز العالم العلمي البحثي والدراسي. وأوضح أن الدراسات الموجودة حول فترات ما قبل التاريخ حديثة جدًا، ولا يمكن مقارنتها بكم الأبحاث والمعرفة المتاحة حول الدراسات الفرعونية في مصر مثلاً، مشددًا على أهمية إجراء أبحاث مطولة عن فترات ما قبل التاريخ خاصة مع وجود إمكانيات أكبر للبحث.
ومن جانبها، أكدت الدكتورة كريستيانا كولر؛ الأستاذة بجامعة فيينا بالنمسا، أن المعلومات والمعرفة المتاحة عن فترة ما قبل التاريخ في مصر هي ليست ثابتة، ولكنها تتغير باستمرار نتيجة الأبحاث التي يقوم علماء الآثار بالتعاون مع وزارة الآثار المصرية، والتي ينتج عنها اكتشافات جديدة دومًا.
وقدمت كولر ورقة تبين نتائج بحثية جديدة حول وادي النيل بمصر في الألفية الخامسة والرابعة قبل الميلاد، بينت من خلالها أهم المواقع الأثرية عبر وادي النيل والدلتا وأهميتها لفهمنا لمصر في عصور ما قبل التاريخ، والتي تعتبر بمثابة الأساس الذي قامت عليه الحضارة الفرعونية، وذلك في ضوء الفكر الأثري الحديث.
وأوضحت أن المواقع المقصودة تتضمن قرى من العصر النيوليتي (مثل مرمدة بني سلامة، العمري، ومواقع في منطقة بداري)، والتي تحتوي على دلائل تشير إلى تنظيمات اقتصادية-اجتماعية، والتي ترجح أنه على الرغم من التأثير الخارجي للصحاري المحيطة، فإن النوبة والشام كانتا على الأرجح قوية، لذا فوجود حياه اجتماعية على طول النيل خلال الألفية الخامسة قبيل الميلاد لم تختلف كثيرًا عن العصور اللاحقة، وبالتالي فإن أصول الحضارة الفرعونية بنسيجها وطابعها الداخلي، يجدر البحث عنه في حياة القرى، أكثر منها في الدلائل المبكرة "لحضارة مبكرة".
وتطرقت في كلمتها إلى المستعمرات من العصر الحجري التي ترجع للألف الرابع قبل الميلاد وحضارتهم المادية، وذلك لإبراز أن الاهتمام العلمي التقليدي للآثار الجنائزية التي ترجع لهذا العصر محدود، وأدى إلى تكوين فكرة منحازة بعض الشيء لهذه الفترة التكوينية الهامة. وأكدت أن هناك دلائل مادية قليلة جدا للتمايز الثقافي أو الفروق العرقية الداخلية في وادي النيل بمصر، والتي يمكن أن تستخدم لشرح المفاهيم الأيديولوجية اللاحقة حول تقسيم وادي النيل إلى شمال وجنوب، على النحو الذي سعى إليه علم المصريات في بداية القرن العشرين.
جدير بالذكر أن المنتدى يقدم خلال فترة انعقاده سلسلة من المحاضرات للمتخصصين في هذا المجال، بما يتيح إمكانية تبادل الخبرات والمعلومات على الصعيدين الإقليمي والعالمي. وسوف تبرز هذا المحاضرات أيضًا الصلات الحضارية بين ثقافات ما قبل التاريخ في الوطن العربي وغيرها من الحضارات الأخرى في العالم، فضلاً عن توثيق الصلة بين العلماء والباحثين المتخصصين في آثار ما قبل التاريخ في المنطقة العربية وأفريقيا والعالم والدراسات المرتبطة به وتوثيق العلاقات بين الجامعات والمعاهد المتخصصة في هذا المجال. وسيقوم مركز دراسات الكتابات والخطوط بنشر نتائج أحدث البعثات الأثرية لعصور ما قبل التاريخ التي نفذت في البلدان العربية والأفريقية ومناقشة المشاكل الخاصة بدراسات ما قبل التاريخ في هذه المنطقة.