القاهرة 02 مارس 2015 الساعة 02:41 م
كتب : حسام إبراهيم
فيما بدا أن تنظيم داعش الإرهابي عقد عزمه على إبادة البشر والحجر ليستحق وصف "التتار
الجدد" فان التراث الثقافى التاريخى في المناطق التي ابتليت به في العراق وسوريا
كان في مقدمة الضحايا فى ظل تطورات مخيفة تهدد الثقافة والمكان والذاكرة والهوية
وتشكل عدوانا على الإنسانية كلها.
وجاءت جريمة تدمير متحف الموصل بعد نحو إسبوعين من تبني مجلس الأمن الدولي لقرار هدفه
تجفيف مصادر تمويل تنظيم داعش بما فيها تهريب القطع الأثرية , فيما تقول صحيفة
" الجارديان" البريطانية أن تخريب مكتبة الموصل الكبرى على ايدي عناصر داعش وحرق
نحو مائة الف كتاب ومخطوط إنما يوضح للعالم حقيقة الموجة الجديدة من التدمير في
هذه المدينة الواقعة شمال العراق.
وواقع الحال أن هذه الموجة الجديدة من التدمير طالت كل ماله علاقة بالثقافة والتراث
الإنساني من جامعات ومكتبات ومتاحف فيما وصفتها يرينا بوكوفا مديرة منظمة اليونسكو
التابعة للأمم المتحدة "بمرحلة جديدة من التطهير واستهداف التنوع الثقافي الذي
يشكل روح شعب العراق".
ولاحظت الصحيفة البريطانية أن تنظيم داعش بادر فور فرض سيطرته على الموصل في الصيف
الماضي بإغلاق كليات الفنون الجميلة والآثار واللغات والعلوم السياسية والحقوق والعلوم
الاجتماعية بجامعة الموصل.
وفيما بادر هذا التنظيم الإرهابي بإغلاق الكليات المتخصصة في مجالات الدراسات الإنسانية
بجامعة الموصل فانه لم يتردد في نهب معامل الكيمياء والفيزياء بالجامعة والتي
تقدر قيمتها بملايين الدولارات فضلا عن تخريب كل مكتبات الكليات بما فيها مكتبة
كلية الدراسات الإسلامية وتحولت مقار الجامعة التي يرجع تاريخها الى نصف قرن لمخازن
للأسلحة وعنابر نوم لمقاتلي التنظيم.
وكانت نينوي عاصمة للامبراطورية الآشورية التي أسست حضارة عظيمة , وضمت هذه العاصمة
مكتبة كبيرة الملك اشور بانبيال فيما يضم متحف الموصل بمحافظة نينوي الواقعة شمال
غرب العراق 173 قطعة أثرية إضافة لتماثيل ترجع لحقب تاريخية متعددة مرت بها حضارات
العراق خاصة حضارة مابين النهرين.
وفضلا عن تدمير هذا التراث العزيز اقدم تنظيم داعش على جريمة نكراء جديدة باحراق أربعة
من أبناء مدينة الموصل لرفضهم المشاركة في تدمير القطع الأثرية بالمتحف.
وأشارت الجارديان الى أن من بين ما جرى حرقه في مكتبة الموصل مجموعات تاريخية للصحف
العراقية التي كانت تصدر منذ بداية القرن العشرين , إضافة لكتب وخرائط ترجع للحقبة
العثمانية فيما بلغت الموجة الجديدة من التدمير ذروتها باستخدام المطارق الضخمة
لتحطيم التماثيل والنفائس التاريخية التي يرجع بعضها للقرن التاسع قبل الميلاد.
وأدانت مصر على لسان وزير الآثار الدكتور ممدوح الدماطي أعمال التدمير والنهب المنظم
الذي قام به تنظيم داعش لمتحف الموصل وحرق الاف الكتب والمخطوطات النادرة , مؤكدا
على أن ذلك هو "المنهج الذي اتبعه التتار من قبل في تعاملهم مع حضارات وشعوب
الشرق الأدنى".
وكان السياسي المصري والأمين العام السابق لجامعة الدول العربية عمرو موسى قد وصف
أفاعيل داعش ضد التراث الإنساني في العراق "بالاعتداء على الحضارة الإنسانية الذي
يذكر بتدمير المغول لبغداد" فيما وصف الأمين العام الحالي لجامعة الدول العربية
الدكتور نبيل العربي ما حدث بأنه "احد ابشع الجرائم في حق تراث الإنسانية".
وفي سياق إدانات متوالية من المثقفين المصريين لهذه الجرائم الداعشية , تحدث الدكتور
أسامة الغزالي حرب عن "المشهد الكارثي لكائنات داعش وهي تحطم بكل قوة وبكل غل
وبكل جهل في العقول وبكل ظلام في النفوس محتويات متحف نينوي في الموصل شمال العراق
من آثار الحضارة الأشورية", وأبدى المه حيال التماثيل واللوحات الرائعة التي لا
تقدر بثمن واحتفظت بدقتها وجمالها عبر آلاف السنين " لتدمرها وتشوهها ايدي المجانين
العابثين في دقائق معدودة" معيدا للأذهان انه نفس التفكير المريض الذي ابتلي
به العالم الإسلامي " أو على الأدق اللا تفكير الذي جعل حركة طالبان تلغم وتدمر تماثيل
بوذا التي كانت إحدى مكونات التراث الإنساني العالمي في أفغانستان وتدمرها
عن آخرها".
ودعا لدعم دعوة ايرينا بوكوفا مديرة منظمة اليونسكو بكل قوة لعقد جلسة طارئة لمجلس
الأمن لمواجهة تلك المآساة "وفضح القوى التي تشهد هذا كله وتقف غير مكترثة ازاءه
كاشفة وجهها الحقيقي القبيح".
ووصفت بوكوفا تدمير متحف الموصل بأنه "اكثر بكثير من ان يكون مجرد مأساة ثقافية" ,
وأوضحت انه عمل يغذي الطائفية والتطرف , مؤكدة على أن الجريمة الجديدة لداعش تشكل
انتهاكا مباشرا للقرار 2199 الذي تبناه مجلس الأمن الدولي وادان بمقتضاه تدمير
التراث الثقافي واتخذ تدابير ملزمة قانونا لمواجهة الاتجار غير المشروع بالقطع الأثرية
والثقافية في العراق وسوريا ".
واذا كان نائب الرئيس العراقي أسامة النجيفي قد وصف الآثار التي دمرتها عناصر داعش
بأنها "اعظم كنوز العراق وعنوان حضارته ورقيه" فان المشهد السوري لايقل خطورة عن
المشهد العراقي مع تمدد عناصر تنظيم داعش الإرهابي في سوريا الجريحة.
وتعد سوريا من الدول الغنية حقا بالآثار حتى أن المقولة الشائعة هناك :"يمكن للمرء
أن يحفر فى اى مكان ويجد آثارا" فيما توضح أشرطة فيديو ومقاطع على موقع "يوتيوب"
الالكترونى عمليات نهب الآثار فى خضم المواجهات المسلحة الراهنة .
وأوضح مارك جريشماير رئيس قسم الآثار فى المعهد الفرنسى للشرق الأدنى فى بيروت أن
"الآثار السورية تكتسب أهمية استثنائية كونها شاهدة على التطور البشرى وتشهد على
نشوء البلدات الأولى فى التاريخ".
واعتبر الكاتب الشهير روبرت فيسك فى صحيفة " الاندبندنت" البريطانية أن تاريخ سوريا
عرضة لمخاطر يومية , مؤكدا على أن بعض المعالم الأثرية السورية تعرضت لأضرار مدمرة
لا يمكن إصلاحها فيما طال الدمار مناطق أثرية رومانية ولا يتردد المتحاربون
فى تفجير القلاع التاريخية
وكانت منظمة "اليونسكو" قد أعربت عن قلقها البالغ حيال مصير المعالم التاريخية فى
سوريا , فيما قالت ايرينا بوكوفا مديرة المنظمة :" تثير قلقنا بصورة خاصة الأنباء
الواردة عن المعارك العنيفة فى مدينة حلب التى ادرج الجزء القديم منها ضمن قائمة
التراث العالمى منذ عام 1986".
والى جانب حلب , تضم هذه القائمة لمنظمة اليونسكو الجزء القديم من العاصمة السورية
دمشق والتى توصف بأنها اقدم مدينة فى العالم فضلا عن المعالم التاريخية لتدمر وبصرى
والبلدات القديمة فى شمال سوريا , فيما أعربت اليونسكو عن مخاوف بشأن عمليات
سرقة للتراث السورى .
ومنذ بداية الثورة السورية - التي ركبت تنظيمات متطرفة وارهابية موجتها - تعرض متحف
حماه للسرقة , واختفى تمثال مكسو بالذهب يحمل اسم "بعل" ويرجع للقرن السادس الميلادى
ونهب متحف حمص كما تعرض متاحف "افاميا ودير الزور ومعرة النعمان " للسلب والنهب
وسرقت لوحات ذات قيمة عالية فى وضح النهار.
كما تعرض " مسجد عمر" فى مدينة درعا للقصف الى جانب قلعة افاميا ونهبت مدينة "ايبلا"
الأثرية فى محافظة ادلب فضلا عن قلعة "شيزر" المطلة على نهر العاصى , فيما اعترفت
مديرة المتاحف السورية هبة الساخل بتسجيل الكثير من عمليات نهب الآثار والقطع
التاريخية.
وكما حدث فى العراق من قبل , تتواتر تقارير حول تهريب قطع اثرية سورية للخارج وبيعها
فى السوق السوداء فيما تبين ان هذه العمليات الإجرامية تشكل احد اهم مصادر تمويل
تنظيم داعش الإرهابي.
واذا كان الأضرار بتراث بلد هو " إضرار بروح الشعب وهويته" كما أعلنت منظمة اليونسكو
فى سياق تناولها للأوضاع فى سوريا فان القصف المروع لمدن عريقة تختزن التاريخ
فى فضاءاتها ويكون المدرك منها باللاشعور اكثر مما يبدو للحس يشكل جريمة لا يمكن
ان تمر بلا عقاب.
وبالقدر ذاته فان العدوان على التراث الثقافى لشعب سوريا لابد وان يثير بالتداعى اهمية
الحفاظ على هذا التراث فى خضم الثورات الشعبية والربيع العربى معيدا للأذهان
تهديدات تعرض لها هذا التراث منذ ثورة 25 يناير الشعبية المصرية والتي تعرضت بدورها
لمحاولات للسطو من جانب جماعات وتنظيمات إرهابية ومتطرفة وهي المحاولات التي
أجهضها شعب مصر في ثورة 30 يونيو 2013.
ولئن ناشد وزير الآثار المصري ممدوح الدماطي منظمة اليونسكو بضرورة التدخل السريع
بعد جرائم داعش الأخيرة في الموصل العراقية , وإصدار بيان تمنع فيه تداول القطع الأثرية
الصغيرة التي تم بيعها او تهريبها والعمل على استعادة هذه القطع فان هذا الموضوع
ككل يشكل هما ثقافيا عالميا.
وفى كتاب صدر بالانجليزية بعنوان "مطاردة افروديت..البحث عن التحف المنهوبة فى أغنى
متحف بالعالم" , يقول المؤلفان جاسون فيلش ورالف فرامولينو انه فى العقود الأخيرة
باتت سوق النفائس والتحف التاريخية اكثر ميلا لتعاملات مشبوهة وصفقات منكرة
تجرى تحت جنح الظلام.
ويعد متحف بول جيتى الأمريكى الذى يشتهر بمجموعته من الآثار اليونانية والرومانية
مثالا لمتاحف تواجه مشاكل بسبب قبولها لبعض الآثار التى نهبت من دول أخرى ونقلت لها
بصورة غير مشروعة , فيما اعلن مسؤولون أمريكيون مؤخرا أن لوحة للفنان الشهير بيكاسو
هربت في وقت سابق الى نيويورك ستسلم الى السلطات الفرنسية قريبا .
وهذه اللوحة التي تحمل اسم "الماشطة" تقدر قيمتها ب 1,6 مليار دولار واختفت من "مركز
بومبيدو" الفرنسي عام 2001 و جرى تهريبها في شهر ديسمبر الماضي من بلجيكا للولايات
المتحدة.
وكان مسؤولون امريكيون قد اعلنوا من قبل أن متحف بول جيتى الخاص فى لوس انجلوس وافق
على إعادة 40 قطعة أثرية الى ايطاليا من اشهرها "تمثال افروديت" ربة الحب والجمال
فى الأساطير اليونانية بموجب اتفاق ينهى نزاعا طال أمده بين الجانبين.
والى جانب متحف جيتى - نجح الايطاليون عبر التقاضى أمام محاكم أمريكية فى استعادة
نحو مائة تحفة واثر تاريخى من خمسة متاحف فى الولايات المتحدة كانت قد استحوذت على
هذه التحف والأثار المسروقة من ايطاليا , ومن بينها متحف بوسطن للفنون الجميلة
فيما اكتوى الليبيون ابان الحقبة الاستعمارية الإيطالية بنهب اثارهم ونقلها لايطاليا.
غير أن الليبيين واجهوا حالة جديدة من السطو على تراثهم الثقافى ونهب آثارهم وصفت
بأنها "كارثة" حيث تعرضت كنوز أثرية ليبية للنهب فى خضم الثورة ضد نظام العقيد معمر
القذافى , بينما تتعرض هذه الكنوز لمخاطر مؤكدة في ظل وجود عناصر داعشية ارهابية
بهذا البلد الشقيق.
وأوضحت تقارير صحفية أن نحو ثمانية الاف قطعة أثرية سرقت من قبو احد البنوك فى مدينة
بنغازى ووصفت بعض هذه القطع بأنها "لا تقدر بثمن".
ومن بين القطع الأثرية الليبية التى تعرضت للنهب والسرقة من قبو اسفل "البهو العثمانى"
لمبنى المصرف التجارى الليبى مجموعة من التماثيل النادرة والمجوهرات والعملات
القديمة فيما تؤكد التقارير ان هناك محاولات جرت لتهريبها للخارج.
ومن مدهشات التاريخ ومفارقاته ان هذه المجموعة الأثرية التى نهبت من ليبيا كانت قد
تعرضت للسرقة عدة مرات خلال القرن العشرين , واستولى على اغلبها بعض رموز النظام
الفاشى الايطالى بقيادة الديكتاتور بنيتو موسولينى الذى اعتبرها "غنيمة حرب وجزء
من الامبراطورية الرومانية الجديدة" وعرضها فى روما عام 1940 , غير أن السلطات الليبية
نجحت فى استعادتها فى ستينيات القرن المنصرم.
ووصف يوسف بن نصر احد كبار المسؤولين بمراقبة الآثار فى بنغازى عملية نهب الآثار بأنها
"كارثة" حلت على هذه المدينة التى بناها الإغريق فى القرن السادس قبل الميلاد
, موضحا أن القطع الأثرية التى سرقت هى "كنوز وطنية تاريخية لا تقدر بثمن".
وفى الاتجاه ذاته , قال العالم الأثري البريطانى بول بينيت وهو من المتخصصين فى الآثار
الليبية:"هذه اكبر سرقة نمت الى علمى وثمة مؤشرات تفيد بأن بعض القطع المنهوبة
وجدت طريقها للسوق", واضاف:" ليس بمقدورنا سوى أن نطلب من المؤسسات والجهات المعنية
فى العالم كله المساعدة فى استعادة الآثار الليبية اذا ظهرت".
ويتضمن التراث الأثري الليبى خمسة مواقع أدرجت على قائمة التراث الثقافى العالمى لمنظمة
التربية والثقافة والعلوم التابعة للأمم المتحدة " اليونيسكو" وبها مجموعة
من اروع الآثار اليونانية والرومانية , فيما كانت ايرينا بوكوفا المدير العام لليونيسكو
قد حذرت فى مؤتمر كان قد عقد بباريس حول حماية التراث الثقافى الليبى من نذر
الخطر على الكنوز الأثرية الليبية مثلما حدث فى العراق عندما اختفت الاف القطع
الأثرية فور الإطاحة بنظام صدام حسين.
ولن ينسى المصريون أقوال وأفعال قوى التطرف والإرهاب التي ذهبت لوصف حضارتهم العريقة
بأنها "حضارة عفنة" والدعوات الإجرامية التي اطلقتها هذه القوى لهدم الأهرامات
والآثار القديمة مع ان المسلمين الأوائل الذين فتحوا مصر لم يتعرضوا لها بسوء !.
ومن هنا فان نجيب محفوظ حرص في الكلمة التي القيت باسمه في حفل تسلم جائزة نوبل للآداب
عام 1988 على القول بأنه "ابن حضارتين تزوجتا في عصر من عصور التاريخ زواجا
موفقا أولاهما عمرها سبعة الاف سنة وهي الحضارة الفرعونية وثانيتهما عمرها الف واربعمائة
سنة وهي الحضارة الإسلامية".
ولفت الراحل النوبلي العظيم نجيب محفوظ لمغزى في معركة ظافرة للمسلمين مع الدولة البيزنطية
عندما ردوا الأسرى البيزنطيين مقابل عدد من كتب الفلسفة والطب والرياضة
من التراث الإغريقي العتيد وهي واقعة دالة على روحهم الإنسانية الطامحة للعلم والمعرفة.
وكانت دار الإفتاء في مصر قد أعلنت أن تدمير تنظيم داعش لقطع أثرية في الموصل "يفتقد
الى أسانيد شرعية" مشيرة الى أن مثل هذه الآثار كانت موجودة في جميع البلدان التي
فتحها المسلمون ولم يأمر الصحابة الكرام بهدمها او حتى سمحوا بالاقتراب منها.
وأضافت دار الإفتاء أن "الآثار تعتبر من القيم والأشياء التاريخية التي لها اثر في
حياة المجتمع وبالتالي فان من تسول له نفسه ويتجرأ ويدعو للمساس بأثر تاريخي بحجة
أن الإسلام يحرم وجود مثل هذه الأشياء في بلاده فان ذلك يعكس توجهات متطرفة تنم
عن جهل بالدين الإسلامي".
وكان الدوي الغادر لضربة إرهابية استهدفت في مطلع العام الماضي مديرية امن القاهرة
قد طال متحف الفن الإسلامي الذي يحوي مجموعة من اندر واروع الكنوز الثقافية على
مستوى العالم الإسلامي تغطي ما يقرب من 12 قرنا هجريا , كما تعرض متحف ملوي في شهر
أغسطس عام 2013 لعمليات سلب ونهب في سياق أحداث العنف من جانب عناصر متطرفة , وأسفرت
هذه العمليات الإجرامية عن سرقة 1050 قطعة من اصل 1089 قطعة أثرية بهذا المتحف
في محافظة المنيا .
ومنذ عام 1954 تبنت منظمة اليونسكو معاهدة لاهاي الخاصة بحماية الممتلكات الثقافية
واتخاذ كافة التدابير الدولية والوطنية لحماية المواقع الأثرية والممتلكات الثقافية
للدول بوصفها تراثا ثقافيا إنسانيا فيما تنص المعاهدة على تحريم اي سرقة او نهب
للممتلكات الثقافية ووقايتها من هذه الأعمال ووقفها مهما كانت أساليبها.
وتدخل المتاحف بجدارة ضمن الممتلكات الثقافية التي تنص معاهدة لاهاي الدولية على ضرورة
حمايتها سواء في أوقات السلم او الحرب وعدم تعريضها للتدمير او التلف وتحريم
سرقتها ونهبها او تبديد محتوياتها فيما جاء القانون المصري منسجما مع روح هذه المعاهدة
ليحرم ويجرم اي اعتداء على الممتلكات الثقافية وفي القلب منها المتاحف.
وفي عام 2004 صدر "اعلان القاهرة لحماية الممتلكات الثقافية " بالتنسيق بين مصر ومنظمة
اليونسكو وجامعة الدول العربية ليؤكد على "واجب كل دولة في حماية التراث الذي
تمثله الممتلكات الثقافية على ارضها من أخطار النهب وأعمال التنقيب السرية والتصدير
غير المشروع" , وشدد على أهمية ما تضمنه إعلان لليونسكو صدر عام 2003 بشأن "مكافحة
التدمير المتعمد للتراث الثقافي بأي صورة من الصور حتى يمكن نقل هذا التراث
الى الأجيال القادمة".
ووفقا لأحكام قانون حماية اثار في مصر فان "تهريب الآثار جناية يعاقب فاعلها ومن اشترك
فيها بالأشغال الشاقة المؤقتة وبغرامة لا تقل عن خمسة الاف جنيه بالإضافة لمصادرة
الآثر محل الجريمة" كما يجرم القانون المصري "كل من يقوم باقتناء اثر والتصرف
فيه خلاف ما يقضي به القانون" فضلا عن تجريم إتلاف الآثار.
ومن نافلة القول أن حماية الممتلكات الثقافية مسألة تعتمد بالدرجة الأولى على الوعي
الثقافي والاجتماعي والضمير الوطني وإدراك مدى أهمية هذه الممتلكات بما تشكله من
ارث ثقافي وحضاري للمجتمع ككل ومن هنا يصح القول بأن حماية تراث المجتمع هو مسؤولية
كل أفراد المجتمع.
مثلما كنت ستبقى يا وطن حاضرا في أمجاد التاريخ وصور الحاضر وعزم الشباب وتباشير الصباح
والغد الطالع بالحلم والإصرار..سيبقى رأسك المرفوع على مر الزمن مرفوعا يا
وطن وستسحق التتار الجدد كما هزمت التتار الأوائل !.