القاهرة 24 فبراير 2015 الساعة 03:32 م
يعتقد البسطاء (بسبب أجهزة الإعلام ومُجمل الثقافة المصرية السائدة) أنّ المُـتطرفين هم (فقط) الذين يحملون أسلحة القتل، بينما (القتل) أنواع ، مثل وأد الفكر، ومصادرة حرية الرأى. وتكون الكارثة عندما تشترك مؤسسة من مؤسسات الدولة فى هذا الفعل الإجرامى، مثلما فعلتْ وزارة الشئون الاجتماعية، ومع ملاحظة أنها ليستْ وزارة للإعلام ، وليستْ مؤسسة لتخريج (الدعاة الدينيين) وليستْ وزارة للتعليم ، ولكن لأنها فى مناخ طغتْ فيه اللغة الدينية على أية لغة (منذ كارثة أبيب/ يوليو52 ، كان عليها أنْ تضبط نفسها على مؤشر تلك اللغة ولا تحيد عنه ، حتى لا تــُتهم بالخروج عن ( الخط ) الذى وضعه ضباط يوليو1952 لشعبنا . والمثال الدال على ذلك – والأمثلة كثيرة – هو ما حدث مع جمعية ( تضامن المرأة العربية ) الفرع المصرى ، الذى كانت د. نوال السعداوى ترأسه. فقد صدر قرار من وزيرة الشئون الاجتماعية بحل الجمعية. ولم يكن قرار الحل هو المأساة الوحيدة ، وإنما كانت الكارثة أنّ ذلك القرار فرض على الجمعية أنْ (( تــُسلــّم بيتها وأدواتها وأموالها إلى جمعية أخرى فى المعادى اسمها " نساء الإسلام " )) فكتب الراحل الجليل الأستاذ صلاح حافظ (( وهذا هو ما يستحق أنْ نتوقف عنده . فجمعية ( نساء الإسلام ) هذه بحكم اسمها ، جمعية للمسلمات فقط . والجمعية التى تقرّر حلها جمعية لكل المصريات . فكيف تــُسلــّم جمعية قومية ممتلكاتها وفلوس عضواتها لجمعية لا تقبل فى عضويتها غير فريق المسلمات ؟ ))
هذا بخلاف أنه لم تــُعط الفرصة لجمعية تضامن المرأة المصرية ، ليتسنى لها اتخاذ إجراءات ( التصفية القانونية ) وحصول العضوات على أموالهنّ ، وإنما حدث العكس حيث تم تمكـــــــين ( نساء الإسلام ) من الاستيلاء على أموال غيرهنّ ، بخلاف المقر والمنقولات . فهنا نجد الجمع بين السرقة العلنية ( المُدعّمة بقرار حكومى ) والانحياز للأصولية الإسلامية. وإذا كانت وزارة الشئون الاجتماعية تسلك سلوك الجماعات الإسلامية ، فلماذا يتم إلقاء اللوم على تلك الجماعات وحدها ؟ ونعتها بتلك الصفة الزائفة ( الجماعات المُتطرفة ) كما دأب الإعلام المُضلــّـل على ترديد تلك الصفة غير العلمية ، فى حين أنه لا يوجد أى فرق بين مؤسسة (المُفترض أنها حكومية) وبين الأصوليين الإسلاميين الذين يستبيحون لأنفسهم قتل كل المختلفين مع آرائهم التكفيرية وسلب أموالهم وممتلكاتهم ؟
كان الراحل الجليل الأستاذ صلاح حافظ ، ثاقب النظر شجاعًا عندما طرح هذا السؤال : ((من الذى أصبح يتحكــّم فى هذه الأجهزة البلهاء ؟ إلى أى مدى أصبحتْ تــُديرها الجماعات ؟)) (مقال : " وزارة الجماعات " – صحيفة أخبار اليوم – 17/8/91) وإذا كان هذا ما حدث فى عام 91، فهل تغيّرالوضع بعد هذا التاريخ؟ الواقع يقول إنّ أصحاب العقول المُـغلقة لا يزالون يتربّعون على عرش البيروقراطية المصرية، والكارثة عندما يتم خلط وعجن تلك البيروقراطية باللغة الدينية، ليسهل تكفير كل مختلف مع أى صاحب سلطة.
***