القاهرة 23 يناير 2015 الساعة 05:49 م
لى صديق ميسور إلى حد ما ومن المترددين على الأندية الاجتماعية التى تستضيف علية القوم، أخبرنى ذات مرة «عام 2008 فيما أظن» بأنه فى احتفال مهم بمناسبة ليست مهمة، رأت زوجته أحد الوزراء السياديين وبرفقته حرمه، فتقدمت إليه وتوددت إليها ثم أخبرته بمعاناتها مع المدرسين الذين يعطون أولادها الثلاثة دروسا خصوصية فى مراحلهم التعليمية المختلفة بداية من الـKG1 حتى الثانوية العامة، وشكت من النقود المنصرفة على هذه الدروس وتوالى دخول المدرسين البيت يوميا مما ألزم زوجها البقاء فى البيت، وهنا ابتسم الوزير بملء شدقيه وقال لها وهو يضع يده على كتف حرمه فى إشارة لها بالتحرك: وإيه رأيك يا مدام مش كده أحسن؟!.. جوزك قدام عينك طول اليوم لا بيقعد مع أصحابه على القهوة يرغوا فى السياسة ولا عنده وقت للتسلية والهنكرة.
ولا أعرف إن كانت هذه الفكرة التى طرأت على ذهن الوزير وردت بناء على خاطر عفوى أو نتاج سياسة مدروسة أفشى سرها سيادة الوزير فى لحظة تجلٍ، لكن هذه الفكرة تتناسب تماما مع النكتة التى كانت سائدة آنذاك والتى تقول: «إن مسابقة أقيمت لرؤساء العالم الثلاثة.. الأمريكى كلينتون والروسى بوتين والمصرى حسنى مبارك للقبض على أكبر عدد من الدجاجات فى مساحة صغيرة خلال ربع ساعة.. وكان عدد الدجاجات عشراً موضوعة فى قفص كبير، وتقدم مساعد الرئيس الأمريكى وأعطى رئيسه قفازا مجهزا خصيصا للإمساك بالطيور، وفتح الرئيس الأمريكى القفص فانطلقت تجرى واستطاع بعد جهد الإمساك بخمس دجاجات، ثم تقدم مساعد بوتين وناول رئيسه قفازا من جلد الدب على هيئة قبضة قالوا أيضا إنه مجهز وأطلقوا الدجاج ونجح بوتين فى الإمساك بست دجاجات، ثم دخل حسنى مبارك فتقدم مساعده ونزع من يده القفاز، ثم حمل القفص وظل يهزه يمينًا ويسارًا بسرعة شديدة، ثم وضعه على الأرض وفتح مبارك القفص فخرجت الدجاجات تترنح دائخة فقبض عليها مبارك كلها فى خمس دقائق». أعتقد أن مساعد مبارك فى النكتة هو الوزير الذى بدأنا به المقال.
وقد نامت الدولة العميقة قليلاً من الإجهاد، فقامت ثورة يناير التى اعتبر بعض الفلاسفة والمفكرين أيامها الثمانية عشر من أعظم أيام التاريخ، ولأنها ثورة نبيلة كانت بلا رأس فركبها أو حاول ركوبها الثوار والبلطجية وحزب الكنبة وأحزاب معلنة بشكل سرى وشذاذ الأفق، وكانت الدولة العميقة تكاد تفيق، وأعتقد أنها تركت جماعة الإخوان عامدة متعمدة تتبوأ الحكم، فدخلوها بنية المشاركة فى التورتة ثم هموا بأكلها كلها، فانقلب عليهم الناس ودارت عليهم الدائرة، والدولة العميقة تضحك بمنطق المثل العامى «اقعد عند مرات أبوك شوية.. عشان تعرف قيمة أمك»، وقد أفلحت هذه الخطة كما أفلحت من قبل خطة تدويخ الفراخ، لكن المشكلة الحقيقية أن لا شىء يدوم أو يبقى على حاله، فمن فضلكم بعض الاهتمام بالناس ومطالبها واحتياجاتها، والعناية بالشباب الذى يشكلون حوالى 60% من تعداد الشعب المصرى، ومعالجة مشكلات البطالة ومنحهم الفرص العادلة، فلن ينفعكم تدبير أفضل فرص التوظيف لأبنائكم ومعارفكم وإهمالهم.. فالأمثال والحكم التى هى نتاج العقل الجمعى للشعب بها مقولات مرعبة يجب التنبه لها، ومنها المثل الفظيع «إن خرب بيت أبوك خدلك منه قالب».