القاهرة 15 يناير 2015 الساعة 01:47 م
كتبت شادية محمود و هديل عاطف
اليوم ومع حلول الذكرى الـ 97 لميلاده يظل الزعيم الخالد جمال عبد الناصر حالة متفردة
تستحق الدراسة, فالزعامة الكاريزمية التي تمتع بها جعلت منه زعيما خالدا للامة
العربية والقارة الإفريقية, حتى الآن على الرغم من مرور 45 عاما على رحيله, وجنازته
الأسطورية خير شاهد على مكانته فى القلوب, وعلى تأثيره فى الشعوب, حيث حضرها
ما يقرب من سبعة ملايين مشيع, يتقدمهم رؤساء الدول العربية ولفيف من الشخصيات العالمية.
مواقف عبد الناصر الحاسمة وشجاعته فى اتخاذ القرارات جعلت من حالة استثنائية, جيشه
يهزم ويعلن مسئوليته عن النكسة في حرب 67 وتمتلئ الشوارع بالجماهير تسانده وتطالبه
بعدم التنحى, وفي حادثة نادرة يقوم بعملية شبه اعتقال لنظيره الأردنى من اجل الافراج
عن جنوده, رئيس يلتف حول المذياع الملايين من المصريين والعرب لينصتوا إليه
خلال إلقائه خطبه بكامل وعيهم ودعمهم لمؤازرته, فعبد الناصر احب المصريين و العرب
و الافارقة.. فأحبه الجميع وجعلوا منه زعيما وقائدا عروبيا أفريقيا.
أيقظ جمال عبد الناصر الأمة العربية من غفلتها, وساعد دولها ودول القارة السمراء على
التحرر من الاحتلال متبنيا, وداعما لحركات التحرر والثورات , و كان احد أقطاب
حركة عدم الانحياز في ظل صراع القطبيين الشرقي و الغربي, وأحب ناصر الفقراء ووجه
كل مشروعات التنمية للنهوض لخدمة الطبقة الفقيرة, فأصدر قانون الاصلاح الزراعي ومجانية
التعليم و أمم المصانع, وأعاد لمصر عزتها وشموخها.
لم يقبل عبد الناصر الضغوط الغربية, فقام بتأميم قناة السويس لتمويل السد العالي بعد
رفض البنك الدولى للتمويل بضغوط غربية, وخدم الإسلام وساعد على نشره, فأمر بتسجيل
القرأن صوتيا وإرسال بعثات من الأزهر لتعليم الإسلام في إفريقيا وآسيا, وبناء
10 آلاف مسجد وافتتاح معاهد أزهرية للفتيات, وإنشاء مدينة البعوث الإسلامية ومنظمة
المؤتمر الإسلامى.
مواقف عبد الناصر التى تنم عن شخصية الزعيم بما تحمله معنى الكلمة كثيرة, ففي عام
1962 قامت جماعة الضغط الصهيونى بالولايات المتحدة الامريكية بالتأثير على نقابة
عمال الشحن والتفريغ بميناء نيويورك, ليقاطعوا شحن وتفريغ سفينة الشحن المصرية "كليوباترا"
للضغط على مصر, فظلت السفينة في الميناء دون شحن أو تفريغ, فتوجه عبد الناصر
على الفور إلى مبنى الإذاعة المصرية, متحدثا لدقائق معدودة روى فيها بإيجاز
ما حدث, مطالبا فيها اتحاد عمال الموانئ العرب بالرد المناسب على هذا, وفي موقف
ينم عن الحب والوعى والتضامن والإيخاء العربي, تم مقاطعة شحن وتفريغ ثمانون سفينة
أمريكية راسية فى الموانئ العربية من طنجة حتى البصرة, مما اضطر الرئيس الأمريكى
أنذاك جون كيندى بأمر الجيش الأمريكى بتفريغ وشحن السفينة المصرية, أزمة لم تستغرق
36 ساعة تم إفشالها بطلب من عبد الناصر واستجابة سريعة وواعية من الشعب العربي.
موقف آخر يدل على شجاعة عبد الناصر وحفاظه على رجاله, جاء بعد نجاح الضفادع البشرية
المصرية في تدمير المدمرة الاسرائيلية "إيلات", وتسليمهم انفسهم للسلطات الأردنية
التي قامت باحتجازهم وانكار وجودهم, وفى نفس الوقت كانت القاهرة تحتضن فعاليات
القمة العربية بحضور الملك حسين بن طلال ملك المملكة الأردنية الهاشمية, الذي دعاه
الرئيس عبد الناصر بعدما علم باحتجاز المخابرات الأردنية للجنود المصريين إلى
اجتماع مغلق, قائلا "ولادي عملوا عندك عملية حربية والمخابرات الأردنية اعتقلتهم
وسيادتك ضيف عندنا لحين عودة أولادنا", وعلى الفور أصدر الملك حسين تعليماته بعودتهم
لأرض الوطن سالمين.