القاهرة 19 ديسمبر 2014 الساعة 04:24 م
حكمة الحمار:
بدأ إيسوب هذه الحكاية باستهلال قال فيه : يتصوّر الفقراء أنّ تغيير الحكومة يعنى ببساطة استبدال سيد بآخر، والحقيقة توضحها الحكاية التالية :
كان رجل يمتلك حمارًا ويُعامله بقسوة.. وعندما علم بأنّ جنود الأعداء اقتربوا.. وسوف يحتلون الوطن.. قال الرجل لحماره : اهرب قبل أنْ يمسكوا بك.. وأخذ يُـشجّعه على الهروب.. ولكن الحمار لم يهتم ولم يتحرك.. وعندما ألحّ صاحبه عليه بالهروب.. سأله الحمار: هل تعتقد أننى لو وقعتُ فى يد الغزاة الجـُدد.. سوف يعاملوننى معاملة أفضل من معاملتك ؟ وهل ستكون الحمولة التى أحملها على ظهرى أخف من الحمولة التى كنتُ أحملها لك ؟ تلكأ الرجل فى الإجابة ثم قال للحمار: لا أظن ذلك.. وأعتقد أنّ كلامك صحيح.. فقال الحمار: إذن لا يوجد فرق بينك وبين السيد الجديد.. فلماذا أهرب ؟
000
التعليق : فى هذه الحكاية البليغة درس فى غاية الأهمية ، عن الذين يُدافعون عن استبدال محتل بمحتل آخر.. أو عن مُـستبد بمستبد آخر، طالما أنّ الظلم واحد والقهر واحد ، ولا يكون الحل بالهروب كما جاء فى الحكاية ، وإنما التصدى لكل أشكال الظلم والقهر، سواء من المحتلين الأجانب ، أو من الحكام أبناء الوطن ، كما كان يفعل الرجل مع حماره .
000
حكمة الكلاب :
مرّتْ بالبلاد عاصفة رملية شديدة.. وبعدها استمر سقوط المطر لعدة أيام.. حبس الفلاح نفسه فى كوخه.. ورفض الخروج لرعاية زراعته.. فكان كلما يشعر بالجوع.. يتناول ما هو موجود فى الكوخ من بعض الخضروات.. ولما نفد ما عنده من خضروات.. بدأ يذبح المعيز.. وبعد أنْ ذبح كل المعيز.. ذبح كل الخراف.. وبعد أنْ لم يبق لديه أى شيىء يأكله ذبح الثور الوحيد الذى كان يمتلكه.. وكانت الكلاب التى تحرس غنمه.. تـُشاهد ما يحدث وتـُراقب تصرفات الفلاح.. فقرّرتْ الهروب.. أقنعتْ الكلاب نفسها بأنّ الفلاح الذى ذبح كل ماشيته وذبح الثور الوحيد الذى يجر له المحراث.. فإنه لن يتورع عن ذبحنا ليأكلنا .
000
التعليق : هذه هكاية بليغة أيضًا عن الإنسان الذى يُواجه أية مشكلة بالحلول السهلة ولا يُفكــر فى نتائج تصرفاته.. فالفلاح فى الحكاية استسلم للأمر الواقع (نتيجة العاصفة والأمطار) ورفض الخروج من كوخه ، وذبح كل ماشيته ، بينما الإنسان العاقل الرافض الاستسلام للأمر الواقع ، فإنه يتحدى تلك الظروف ، ويتحمّـل متاعبها وأهوالها ، حتى تنتهى العاصفة وتتوقف الأمطار، بدلا من تبديد كل ثروته الحيوانية ، بما فيها الثور الذى يُساعده فى جر المحراث .
000
كلب الحراسة وكلب الصيد :
كان للراعى كلبان : درّب أحدهما على الصيد ، ولم يُدرّب الآخر وتركه للحراسة. وكان الراعى بعد أنْ يعود إلى كوخه ومعه حصيلة الصيد ، يضع الطعام أمام الكلبيْن بالتساوى.. وأحيانــًا كان يضع كمية أكبر أمام كلب الحراسة.. شعر كلب الصيد بالظلم الواقع عليه.. فقال لكلب الحراسة : ليس من العدل أنْ تـُشاركنى فى نصيبى من حصيلة الصيد.. بل إنك تأخذ نصيبًا أكبر من نصيبى.. إنك تعيش عالة على كدى وتعبى.. فقال له كلب الحراسة : لماذا تلومنى أنا ؟ هل أنا الذى اخترتُ الحراسة ؟ أم أنّ الراعى هو الذى فرّق بيننا.. الراعى هو الذى درّبك على الصيد.. وهو الذى يجعلك تتعب وتكد.. وهو الذى اختارنى للحراسة.
000
التعليق : فى هذه الحكاية الرمزية لخــّص إيسوب كارثة البشرية – منذ آلاف السنين – عندما تمّ ابتداع وظيفة (الحراسة) وأنّ من يتولون تلك الوظيفة يحصلون على عوائد مادية ومزايا لا يحصل عليها من يعملون فى الانتاج (والرمز فى الحكاية كلب الصيد الذى يُساعد الراعى فى صيد الحيوانات) بينما الكلب الآخر (كلب الحراسة) لا يُعانى من متاعب العمل مثل كلب الصيد ، كما أنّ إيسوب أنهى الحكاية بحكمة بليغة جاءتْ على لسان كلب الحراسة الذى قال لكلب الصيد : أنه ليس المسئول عن هذا الوضع ، وإنما هو الراعى الذى فرّق بيننا ، سواء فى العمل أو فى المعاملة.
000
الكلب المُغرم بأكل البيض :
كان هذا الكلب يحب أكل البيض.. وهذا الحب لأكل البيض.. جعله يحب كل ما هو أبيض ومستدير فى شكل البيضة.. وذات مرة رأى صـَـدفة بيضاء ومُستديرة.. التقطها بسرعة وبدون تفكير وضعها فى فمه.. وعندما بدأ فى بلعها وقفتْ الصَـدفة فى حلقه.. حاول أنْ يُخرجها فلم يفلح.. ومع المحاولات المُـتكرّرة.. إذا بالصَـدفة تنزلق وتنزل فى معدته.. فبدأ يشعر بالألم الشديد فى بطنه.. ومع شدة الألم بدأ يلوم نفسه على حماقته وحبه الشديد لكل ما هو أبيض ومستدير.. لمجرد أنه يُشبه البيض .
000
التعليق : فى هذه الحكاية صورة فنية عن (المنظور) حيث أنّ كثيرين من البشر يقعون فى نفس الخطأ الذى وقع فيه الكلب ، إذْ أنّ شخصًا ما يحب شيئـًا معينـًا ، وهذا الشيىء له شكل مُـعين ولون مُـحدّد ، ونظرًا لعشقه لهذا الشىء ، فإنه يتوهـّم أنّ أى شيىء يصادفه وله نفس الشكل ونفس اللون ، هو هذا الشيىء الذى يحبه ، ويحدث أنّ هذا الشيىء الذى توهّمه فيه ضرر كبير على حياته مثلما حدث مع الكلب الذى توهّم أنّ الصَـدفة بيضة. وعلاقة المنظور فى هذه الحكاية ، لصيقة الصلة بقانون النسبية ، فالأشياء ليست واحدة حتى ولو اتفقتْ فى الشكل واللون، مثل الملح والسكر، وفى هذه الحالة – نتيجة عدم التروى – نكون إزاء حالة من عمى البصر والبصيرة .
000
الكلب وظله :
كان الكلب يمشى قرب سطح النهر.. وكان فى فمه قطعة من اللحم.. وعندما نظر فى ماء النهر.. رأى صورة كلب وفى فمه قطعة من اللحم.. واعتقد أنّ ما يراه كلبًا حقيقيًا.. ففكــّر فى الانقضاض عليه ليأخذ منه قطعة اللحم.. وبالفعل ألقى بنفسه فى مياه النهر.. وأثناء ذلك سقطتْ قطعة اللحم التى كانت فى فمه.. وكان عليه أنْ يُحاول الخروج من النهر قبل أنْ يغرق.. وهو يشعر بالندم بعد أنْ ابتلع الماء قطعة اللحم التى كانت معه.
000
التعليق : فى هذه الحكاية درس بالغ الأهمية عن ثلاثة أشياء : الأول : الوهم الذى يصنعه الإنسان لنفسه ويُصدّقه (مثل الكلب فى الحكاية الذى صدق أنّ صورته ليست صورته وإنما هى لكلب حقيقى) الشيىء الثانى : الطمع ، فلو أنه اقتنع بما معه ، لما تورّط فى النزول فى مياه النهر، واكتفى بما معه. الشيىء الثالث : وهو مرتبط بالشيىء الثانى ، فإنه حتى ولو كان خياله صحيحًا ، وأنّ مارآه كلبًا حقيقيًا ، فلماذا يكون الاعتداء عليه ونهـْب ما معه ؟ وهكذا يفعل كثيرون من البشر، وتلك هى رسالة إيسوب فى هذه الحكاية البسيطة فى شكلها العميقة فى مغزاها .
000
الكلب وخديعة الكرم :
شعر الكلب بأحد اللصوص يتسلــّــل ليدخل منزل صاحبه.. انتبه الكلب ووقف مُـتربصًا لهذا الغريب الذى يتسلل فى جنح الظلام.. وعندما دخل اللص ألقى للكلب بقطعة من اللحم.. فقال له الكلب : أتظن أننى سوف أخون صاحبى من أجل قطعة من اللحم.. وأننى لن أوقظه بنباحى ؟ وبالفعل بدأ فى النباح بصوت مرتفع.. حتى استيقظ صاحبه وطارد اللص .
000
التعليق : فى هذه الحكاية درس عن الوفاء ، وأنّ الوفاء لصيق الصلة بعدم الاستسلام لأية مغريات مهما كانت ، أى رفض (الرشوة) مقابل خيانة من ائتمنه على ممتلكاته. وما فعله الكلب (الأمين) يفعله كثيرون من البشر الشرفاء ، الذين يرفضون الرشوة مهما كانت الاغراءات .