القاهرة 17 ديسمبر 2014 الساعة 02:36 م
وكان واضحا أن التنظيم الدولي للإخوان يقف بالدعم وراء الرئيس الأمريكي أوباما منذ بداية حملة الانتخابات الرئاسية .. وهنا تتكشف حقائق أخرى على لسان الدكتور وليد فارس ــ مستشار الكونجرس الأمريكي ــ ويضع النقاط فوق الحروف ، لتوضيح مسار العلاقات بين إدارة أوباما وتنظيم الإخوان في مصر ، وعن وجود " لوبي " إخواني قوي داخل الإدارة والخارجية الأمريكية !!
• ويقول مستشار الكونجرس الأمريكي ــ د. وليد فارس ــ أن العلاقة بدأت قبل وصول أوباما إلى السلطة ، وأن تنظيم الإخوان يمتلك " لوبي " في الغرب بشكل عام وفي الولايات المتحدة الأمريكية بشكل خاص ، قامت بتغذيته الأموال النفطية منذ عشرات السنين ، ولكن في السنوات الأخيرة من إدارة الرئيس " بوش الإبن " تمكن هذا اللوبي من أن يمد جسورا إلى حملة السيناتور " اوباما " في تلك المرحلة ، وعندما جاء رئيسا كان هناك بعض المستشارين في الإدارة الأمريكية من القريبين إلى اللوبي الإخواني ، وكانوا في الجامعات وفي الخارجية الأمريكية ، ويعملون فيها كمستشارين ، وكذلك في بعض المؤسسات الأكاديمية ومراكز الأبحاث . وهذه الصورة تفسر عمق وجود الإخوان في واشنطن بالقرب من القرار السياسي ، وكان هناك عمل من جانب اللوبي الإخواني مع الإدارة من أجل استبدالهم بالنظام المصري ، ولم يتمكن هذا اللوبي في البداية من إقناع الإدارة الأمريكية بالتخلي عن نظام مبارك وظل هذا العمل في العامين 2009 و2010 إلى أن جاء الربيع العربي في 2011 وعندما بدأت المظاهرات في ميدان التحرير فوجئت وزارة الخارجية الأمريكية ومجلس الأمن القومي والبنتاجون أو الإدارة الأمريكية بشكل عام ، لأنه إذا اطلعت على التقييم الاستراتيجي والاستخباراتي لدى الإدارة الأمريكية والذي يتم كل خريف ، وكان قبل أشهر قليلة من الثورة المصرية ، تجده لم يتضمن شيئا عن احتمال تفجر ثورة في مصر، وهذا كان مفارقة لأن التقارير في كل المناطق الأخرى كانت دقيقة بخلاف الشرق الأوسط ، وعندما بدأت هذه المظاهرات كانت النظرة الأمريكية الرسمية والشعبية تتجه نحو الشباب الإصلاحي من الطبقة الوسطى ، وهذا الأمر بالغ التأثير هنا في أمريكا على المستوى الشعبي ، وذكرتهم بثورات أوروبا الشرقية والوسطى ، لذا كانت مقبولة لدى الإدارة الأمريكية وللرأي العام الأمريكي ، وبدأ مستشارو الرئيس أوباما والقريبون من مراكز القرار، والذين هم قريبون من "الإخوان " يساعدون الإدارة على تكييف موقفها ، خاصة وأن موقف الإدارة الأمريكية لم يكن قد حسم بعد ، وكانت هناك مراقبة لما يحدث على الأرض ، ولم يكن الإخوان في أول موجة ثورية في ميدان التحرير ، وفي تقديري أن اللوبي الإخواني القريب من الإدارة كان يهندس توقيت تدخل الإدارة لمصلحة الثوار، فهذا اللوبي وظف وجود الشباب والمجتمع المدني في الأيام الأولى من ثورة 25 يناير لخدمة هدفه ، وانتظر حتى قامت الإدارة الأمريكية بمد مظلتها .. وعندما مدت الإدارة الأمريكية مظلتها هنا دخل الإخوان على الأرض ، وأصبحوا في المربع الأساسي ، وبمجرد دخولهم على الخط ، قام اللوبي الإخواني في واشنطن بإقناع الرئيس " أوباما " بأن يتخلى عن مبارك وكانت هذه هي اللحظة الميكانيكية الاستراتيجية!!
.....
( وكانت مجلة " فرونت باج " الأمريكية ، قد تساءلت عن الأسباب التي دفعت وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة " هيلاري كلينتون " لإختيار جهاد الحداد للعمل في مؤسسة كلينتون ، على الرغم من أنها تعلم خلفيته ، وأنه عضو في تنظيم الإخوان الذي يكن العداء للولايات المتحدة ؟! وتقول المجلة الأمريكية ، أن جهاد الحداد ، المتحدث باسم جماعة الإخوان المسلمين ، كان من أبرز أعضاء شبكة صنعتها وزيرة الخارجية الأمريكية " هيلاري كلينتون " في مصر ، وأن "الحداد " كان يعمل في فرع " مؤسسة كلينتون " في لندن ، وبعد وصول الإخوان المسلمين للحكم ، تم تكليفه بالعودة إلى مصر للعمل كمتحدث إعلامي لتنظيم الإخوان ، لقدرته على مخاطبة الإعلام الغربي ، ومستغلا شبكة علاقاته التي أنشأها من خلال القرب من مؤسسة كلينتون، وعلاقته بوزيرة الخارجية السابقة )
.....
• ويرى مستشار الكونجرس الأمريكي د. وليد فارس " اللبناني الأصل " : أنه عندما تخلت أمريكا عن مبارك كان الواقع أن هناك قوتين على الأرض في مصر ، قوة " المجتمع المدني والشباب " ، وهي مشتتة وموزعة وضعيفة ومتعددة وبلا استراتيجية ، وفي المقابل قوة منظمة وهي " جماعة الإخوان المسلمين " يمكن أن تكون أقل عددا ، ولكن لها علاقات مبنية بالفعل مع الإدارة الأمريكية من قبل ، لذا فالمعارضة المدنية المصرية والشباب لم يكن لهم جسور ، ولم نر من يمثلهم في واشنطن في أول أسابيع وأشهر الثورة المصرية ، بينما كان هناك من يمثل الإخوان ، وقامت بعض المؤسسات في واشنطن المدعومة من الإدارة باستدعاء ممثلين للإخوان وكانوا يزورون الخارجية ومجلس الأمن القومي والبيت الأبيض ، هذا ما حدث في النصف الأول من عام 2011 ، وبعد ذلك في تقديري أصبحت اللعبة هي تنسيق ما بين هذا اللوبي الإخواني والإدارة الأمريكية مع القيادة الإخوانية في مصر ، وظهر هذا في دعم الحركات السياسية الإسلامية وإقامة حوار معها ، وتوجيه السفارة ألأمريكية التي تجتمع كثيرا مع الإخوان بخلاف الأطراف الأخرى !!
.....
وقصة " اللوبي الإخواني " من التنظيم الدولي للإخوان ، داخل الإدارة ألأمريكية ، ربما يجيب على التساؤلات الحائرة ، ومنها تساؤلات الحيرة لدى الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل ، وهو يروي تلك الواقعة :
• كنت منذ سنوات قريبة في زيارة لروما والتقيت السفيرة نيفين سميكة ، وكانت سفيرة في وقتها ، حيث قامت بدعوتي على العشاء وكان هناك من يمثل الفاتيكان وسألني وقتها عن عدم زيارتي للفاتيكان ، فقلت له إني كنت أزوره لصديقي " الكاردينال فينو" وكان وزيرا للخارجية قبل أن يتقاعد ، وكان المدعو على عشاء نيفين سميكة هو سكرتير الفاتيكان ، وعندما ألح علىّ للزيارة ذهبت خلال يومين ، زرت الفاتيكان ، وعرض عليّ أحد الأشخاص ورقة غريبة جدا ، وكان هذا منذ أربع سنوات ــ في عام 2009 ــ وبعد سؤالي عن أحوال مصر والمشكلات والأقباط بها سألني : " أصحيح أن الإخوان هم التيار القادم في مصر .. ؟ " وأراني ورقة غريبة تعجبت بها كثيرا ، تتحدث عن رؤية الأمريكان أن الإخوان هم التيار البديل بعد النظام الذي كان موجودا وقتها وهو نظام مبارك الذي أوشك على السقوط ، وذكروا اسبابا كثيرة في تلك الورقة التي حاولت قدر الإمكان أن أحفظ ما فيها ، ولكن ثمة ثلاثة أسباب أو أربعة رئيسية لفتت نظري في معرض المعطيات التي ساقتها الورقة حول أسباب التوجه للإخوان ، أولها أن الإخوان لديهم جذر ثقافي كبير في الأرض ، ولديهم قاعدة تصويتية عريضة ، وأنهم في حالة عداء مع القومية العربية وفكرة التقدمية مثل عبد الناصر وغيره ، وأنهم لديهم رصيد لدى الناس لأنهم يقدمون خدمات كثيرة لهم !!
• والواقعة الثانية : يرويها السفير محمد العرابي وزير الخارجية المصري الأسبق ، وكانت الواقعة قبل أن يصبح وزيرا ، وقبل تولي الدكتور محمد مرسي منصب الرئاسة بنحو 9 شهور أي في شهر 10 / 2012 حين جمعه لقاء بالصدفة مع وزير الخارجية الأمريكي الأسبق " هنري كيسنجر " في مؤتمر اقتصادي عقد في اسطنبول بتركيا ، وقال له كيسنجر أن : " الإخوان المسلمون قادمون إلى مصر ، وسيكون لهم الدور السياسي القادم في مصر " !! وحين سأله "العرابي " : وكيف ترى الولايات المتحدة هذا الصعود ؟! فكان رد " كسينجر " ، أنهم ليس لديهم أي مشكلة على الإطلاق ، لأن كل ما يهم الإدارة الأمريكية 3 أمور مفصلية في مصر هي : الإلتزام باتفاقية السلام مع إسرائيل ، وضمان سلامة الملاحة في قناة السويس ، وأن تستمر الولايات المتحدة مصدرا لتسليح الجيش المصري .. وتمنى كيسنجر أن يضع أي رئيس قادم لمصر هذه الاعتبارات في الحسبان !!
.....
• ونعود إلى الصفحات الأولى من العلاقة " الأمريكية ـ الإخوانية " وحين بدأ الاهتمام الأمريكي يتجه إلى " سعيد رمضان " الذراع اليمنى لمؤسسي جماعة الإخوان المسلمين الأستاذ حسن البنا وزوج إبنته ووزير خارجية الجماعة ـ كما كان يراه البعض ـ وفي الخمسينيات ، تصاعدت الحركة الأمريكية لإحتواء الأفكار القومية الناشئة في الإقليم العربي ، وسعت لدعم جماعة الإخوان المسلمين والتيار الإسلامي للدفاع عن مصالحهم ، ومولت مع السعودية إنشاء " رابطة مسلمي العالم " وأدار القيادي الإخواني " سعيد رمضان " هذه الرابطة ، إضافة إلى علماء من المؤسسة الدينية السعودية ، ودعاة هنود من مدارس " ديوبند " التي أسسها " أبو الأعلى المودودي " وفي هذه المدارس تخرج لاحقا زعماء حركة طالبان الحالية في أفغانستان ، وفي عام 1970 ، بعد وفاة " عبد الناصر " بدأ التوجه الأمريكي لمساعدة تحرك قيادات الإخوان بالعودة إلى مصر .. وفي حقيقة الأمر فإن الأمريكان تحدثوا مع الرئيس الراحل أنور السادات بعد حرب أكتوبر 1973 عن ضرورة السماح لجماعة الإخوان المسلمين بالتواجد وحرية الحركة داخل الساحة السياسية حتى تكتمل تجربة الديمقراطية في مصر ، وتم الترتيب فيما بعد لعقد صفقة استراحة " جانكاليس " 1974 لمواجهة الشيوعيين والناصريين كما تمت تسميتها ، أي يتولى الإخوان مساندة السادات في مواجهة معارضية من اليساريين والناصريين !!
وتواصلت الاتصالات بين الإدارة الأمريكية والإخوان .. وكشفت الوثائق الأمريكية التي نشرتها مؤخرا " ويكليكس " عن العلاقة السرية بين الجماعة وواشنطن ، وجاءت التفاصيل في عدد من الوثائق المدموغة بخاتم " سري للغاية " .. وتحدث الوثيقة التي تحمل رقمCAIRO 21221a 86 والصادرة في سبتمبر 1986 عن أولى الاتصالات بين السفارة الأمريكية بالقاهرة وجماعة الإخوان ، وتقول الوثيقة التي لخصها أحد دبلوماسي السفارة في ثلاث نقاط بعد لقائه بعدد من قيادات الجماعة ، إن الإخوان يرغبون في توثيق الاتصالات مع السفارة الأمريكية لتعزيز شرعيتهم السياسية ، إلا أن الجماعة تخشى بطش الداخلية حال رصدها للتواصل مع السفارة ، وتوضح الوثيقة أن اللقاء استغرفق 20 دقيقة في أحد مقار مجلة " الدعوة " التابعة للإخوان (ممنوع صدورها ) بحضور الدبلوماسيين الأمريكيين ، " بولوف ، وبول فسن " ، فيما كان أبرز حضور الإخوان المرشد ونائبه !! وتكشف الوثيقة الصادرة في أغسطس 1988 التي حملت رقم CAIRO19680 a 88 عن لقاء سري آخر تم داخل السفارة الأمريكية مع المتحدث باسم الإخوان ، بعد إدعاء الأخير رغبته في استخراج تأشيرة أمريكية لإبعاد نظر الشرطة عن ملاحقته!! وفي وثيقة أخرى حملت رقم 06CAIRO6474 a ، وصدرت في عام 2006 تحدثت عن الرغبة الأمريكية في معرفة القوانين الداخلية للجماعة لاختيار أعضاء مكتب الإرشاد المكون من 12 عضوا الذي كان معهودا في السابق أنه يتم الاختيار لمدى الحياة ، إلى أن جاء المرشد السابق مهدي عاكف