القاهرة 16 ديسمبر 2014 الساعة 02:16 م
مثلما كان فيلم «نظرية كل شيء» هو حدث حفل افتتاح الدورة الحادية عشرة لمهرجان دبي السينمائي الدولي ، فالأمر المؤكد أن فيلم «عرَاف المياه» هو حدث أيضاً ؛ليس فقط لأنه يمثل أول تجربة يقف فيها النجم العالمي الشهير راسيل كرو خلف الكاميرا ،وليس أمامها فقط كما جرت العادة ، وإنما لأن الفيلم
نجح في تقديم وثيقة سينمائية تناهض الحروب، وتندد بويلاتها،التي تمتد آثارها إلى مئات السنين .
بالطبع تضمنت أيام المهرجان فعاليات متعددة ؛ كاللقاء الصحفي مع المرشحين للفوز بجائزة «آي دبليو سي للمخرجين الخليجيين » التي تبلغ قيمتها المالية مائة ألف دولار، ويتنافس على الفوز بها : المخرجة السعودية عهد كامل،المخرج الإماراتي سعيد سالمين المري والمخرج الكويتي عبد الله بو شهري ، وفقرات التصوير الجماعية على السجادة الحمراء للجنة تحكيم جائزة المهر للأفلام القصيرة، ولجنة تحكيم جائزة المهر للأفلام الروائية الطويلة .. وغيرها من الوقائع والأحداث السينمائية ؛ مثل عرض فيلم «أنا نجوم بنت العاشرة ومطلقة» (إنتاج اليمن/ الإمارات / فرنسا)، الذي يُشارك في مسابقة المهر الطويل، وتناقش مخرجته اليمنية خديجة السلامي ظاهرة زواج الأطفال في اليمن من الكهول، وتصف ما يجري بأنه «اغتصاب»،وهي القضية نفسها التي ترصدها المخرجة الباكستانية عافية ناثانيال في فيلمها «ابنة» (إنتاج باكستان / النرويج / الولايات المتحدة) ،الذي كتبت له السيناريو وشاركت في إنتاجه؛حيث ترصد مأساة أم باكستانية تهرب بطفلتها التي لم تتجاوز العاشرة من عمرها ، بعد أن أبرم زوجها ـ والد الطفلة ـ اتفاقاً مع كهل لتزويجه من الطفلة ، بحجة حق الدماء، ووضع حد لظاهرة الثأر بين القبيلتين !
«عرَاف المياه»
رغم كل هذه الحيوية، والجدل الذي أثارته الأفلام المعروضة، إلا أن الفيلم الاسترالي «عرَاف المياه» The Water Diviner استحوذ على الاهتمام، والاقبال ،بعد أن امتلأت صالة مسرح أرينا بمدينة جميرا، التي استضافت العرض عن آخرها،وقبل أن يبدأ العرض بثت رسالة بالصوت والصورة قدم فيها النجم راسل كرو،مخرج وبطل الفيلم،اعتذاره عن عدم تمكنه من مصاحبة الفيلم إلى دبي، بينما اعتلى خشبة المسرح المنتجان أندرو ماسون وكيث رودجر بالإضافة إلى بطلة الفيلم الحسناء أولجا كوريلينكو .
«عرَاف المياه» فيلم ملحمي سنتعرض له بالتفصيل في ما بعد يرصد ما جرى في معركة «جاليبولي»،التي دارت رحاها في شبه الجزيرة التركية عام 1915 (خلال الحرب العالمية الأولى)، بعد ما دبرت القوات البريطانية والفرنسية خطة مشتركة لغزو الأراضي التركية بغية احتلال العاصمة العثمانية إسطنبول، لكن الخطة باءت بالفشل،ونتج عن المعركة مقتل الملايين. وعن واقعة حقيقية يحكي الفيلم أزمة مزارع استرالي – راسل كرو - فقد أولاده الثلاثة في المعركة،التي وصفت بأنها «آخر انتصارات الخلافة الإسلامية»،ثم فقد زوجته التي ماتت حزناً عليهم ، وأوصته قبل أن تموت بأن يعثر على جثث أولادها ويدفنهم إلى جوارها. واختتم «كرو» فيلمه الإنساني الأخاذ بإحصائية تقول إن (أكثر من 37 مليون شخص قتلوا في المعركة و8 مليون فقدوا واعتبروا في عداد القتلى) وفي لفتة أكثر من رائعة أهدى فيلمه الأول كمخرج إلى«المفقودين والمجهولين المُخلدين في قلوب وذاكرة عائلاتهم» .