القاهرة 27 نوفمبر 2014 الساعة 01:43 م
طوغان .. أو عم طوغان كما أحب أن أناديه... رحل فى صمت .. كما عاش بعيدا عن الأضواء رغم أنه نجم يضىء سماء من حوله
هو شيخ رسامى الكاريكتير فى مصر والعالم العربى .. وبلا منازع لسنوات طويلة ،
رحل بعد حوالى 88 عاما من الكفاح المسلح بريشته
أفخر أننى تحاورت معه كثيرا .. واقتربت منه بشكل شخصى طوال السنوات الماضية وسجلت معه قصة حياته بالصوت والصورة .. ويزداد فخرى حين أقول إننى زميل طوغان فى جريدة الجمهورية .. وما أقصده طبعا هو إننى أزامل قرنا من الإبداع والصحافة والإنسانية والفن والسياسة .
لن أتكلم فى هذا المقال عن فن عمنا طوغان.. ولا حتى عن ظروف دخوله بلاط صاحبة الجلالة ، ولكن فقط استعرض رحلته فى الجمهورية من خلال شهادته كى نحكى ونعيش نحو 60 عاما من عمر مضى وعمر الجمهورية
كيف ولدت الجمهورية من رحم ثورة 23 يوليو 1952.. قلت ذات لقاء معه فقال العم طوغان :
بعد نجاح ثورة يوليو1952, وفي الاجتماع الخامس لقياداتها قرروا إصدار جريدة تعبر عن أحلامهم وآمالهم في تغيير الواقع إلي واقع أفضل يحقق مطالب الشعب الذي أرهقه عجز النظام السابق الذي أصابته بالشيخوخة والتجمد وفقدان القدرة علي مواجهة الأحداث في المنطقة التي تجتاحها عاصفة ممثلة في الصهيونية التي تمكنت وتمركزت, إلي جانب فيروس التخلف والفساد الذي يعيق تقدم الشعب ولحاقه بالعصر, وكان في مقدمة الهموم, وجود قوات الاحتلال وانتشارها في مدن القناة .
• لذلك استصدر جمال عبد الناصر التصريح لجريدة باسم الجمهورية , وكانت المفاجأة أن الترخيص يحمل اسم جمال عبد الناصر ليقترن ميلاد واسم الجمهورية بالزعيم الراحل جمال عبد الناصر ،
وإذا كان الترخيص باسم ناصر فكيف دخل الرئيس الراحل أنور السادات إلى تاريخ اسم جريدة الجمهورية ؟ .. يقول طوغان :
كان من الطبيعي أن يطلبوا من أنور السادات حمل مسئولية إصدار الجريدة المطلوبة لما له من تجربة صحفية سابقة ليست قصيرة في دار الهلال عندما كان يعمل محررا في صحفها بالإضافة إلي كتاباته في مجلة المصور خلال فترة طرده من الجيش بعد اتهامه بالتحريض وتدبير قتل الوزير في حكومة الوفد أمين عثمان الذي كان ربيبا لسلطة الاحتلال, وبالرغم من حصول السادات خلال المحاكمة علي البراءة إلا أنهم أخرجوه من الجيش, فراح يبحث عن الرزق وإلتحق بدار الهلال!
•قلت : لكن من هم أول المعينين والمختارين للعمل بالجمهورية ؟ .. يقول طوغان :
بدأ أنور السادات خطوته لتنفيذ قرار إصدار الجمهورية فاختار الدكتور طه حسين, ويساعده حسين فهمي في رئاسة التحرير! وأمر بتعيين زكريا الحجاوي وعبد العزيز جبر مديرين للتحرير, كما أمر بتعيين محمد علي ماهر وعباس الأسواني وعبد السلام الشريف ومحمود السعدني وأنا, كما عين الصحفي المناضل المغامر سعد زغلول فؤاد صاحب التاريخ الحافل والذي لم يترك سجنا سياسيا في المغرب أو في المشرق لم يدخل فيه ! وطبعا بالإضافة إلي زملاء أعزاء آخرين في يناير
1953!
• لكن ما الأجواء التى صاحبت الأيام الأولى للإعداد للجمهورية ؟ ... يقول طوغان :
عشت في جو من الألفة والمرح والتفاؤل سمح لي بالانطلاق في الرسم والتعبير عما يجري في الوطن العربي من المحيط إلي الخليج وملاحقة الاستعمار الإنجليزي الذي كانت بقاياه مازالت متمركزة علي طول منطقة قناة السويس, إلي جانب الهجمة الصهيونية علي فلسطين وتنبيه الناس لها عن طريق الكاريكاتير!
كانت فترة ممتعة أحسست فيها بالدفء بين الأقران, وبالتقدير حتي من الثوار الذين كانت رسومي الكاريكاتيرية محلا لإعجابهم ورضاهم والذين كانت
كثيرا ما تصلني تحياتهم, وأيقنت بأن ثورة يوليو هي فجر جديد أشرق علي مصر.
• لكن لماذا ترك السادات بلاط صاحبة الجلالة ؟
يقول طوغان : بعد سنوات ثلاث من إصدار الجمهورية وقع الاختيار علي أنور السادات لتولي أمانة المؤتمر الإسلامي فترك الجمهورية, وترك في رئاسة التحرير جلال الدين الحمامصي الذي لم يلبث طويلا وتركها وعاد للأخبار, ثم تولي أمين شاكر من الضباط الأحرار ـ وكان مديرا لمكتب الرئيس عبد الناصر ـ مسئولية الجريدة.
كان أمين شاكر في عز الشباب, وكانت عسكريته تملأ نفسه وتسبب رهبة للمحررين, وفي مرة دخل عليه محيي الدين فكري يعرض شيئا وفي يده سيجارة فصرخ أمين في وجهه قائلا:
- اقف عدل واطفي السيجارة !
- ثم قال: تعالي بعد شوية, وعندما خرج محيي ذهب يشكو لرئيس التحرير وكان أيامها كامل الشناوي قائلا: ده قال لي اطفي السيجارة! فسأله كامل: وطفيتها؟! فقال محيي: أيوه! فرد عليه كامل: وإنت عاوز إيه دلوقت؟ أولعلها لك! لم يلبث أمين طويلا في الدار فتركها وعمل سفيرا في الخارج!
بعده جاءنا محسن عبد الخالق أحد الضباط الأحرار الذين كان لهم حضور متميز في التنظيم! جاء محسن وقضي أغلب الوقت في مكتبه وبابه مفتوح لمن يستطيع لقاءه إذا ما صادف مشكلة أو احتاج إلي عرض شىء أو طلب الحصول علي موافقة أو استئذان, كما كان كثير السفر إلي الخارج !
هوامش
• هو ليه العفاريت والجن ساكنين عندنا وم بيروحوش أبدا عند الأمريكان والأوروبيين ..!
• من ولد كى يزحف لا يمكن أن يطير أبدا أو حتى يحلق بخياله .. سيظل يزحف إلى الأبد !!
• الخيانة مش طبع لكن جين رئيسى فى تركيب بعض البشر ربنا ينتقم منهم !!
• • الصفر سيظل صفرا إلى أن يأتى بجواره رقم ... يعنى يأخذ الصفر قيمته ممن يتعطف عليه ويقف بجواره ويسنده ليخرجه من حالة ال لا قيمة والعدم إلى حالة القيمة والمعنى .. نقول كمان ولا كفاية !!!!!!!!!!!
• • الوجوه العكرة قرفتنا إمتى ترحلوا عنا وتسيبونا فى حالنا ؟
• الموظف المصرى حاصل على مئات شهادات الدكتوراة فى تعذيب المواطن ، إلا قليلا طبعا يصعب عليه أن يكون أى ورق مستوفى الأختام والدمغات بعد مئات المشاوير ، المواطن أمامه متهم وحرامى ومزور وعلى المواطن الغلبان أن يثبت العكس .
• عندما أجلس أمام البحر أرمى همومى، فيأخذ بعضها ويقذف ببعضها الآخر فى وجهى مع أمواجه العاتية ...لكن عندما أقف أو أجلس على شاطىء النيل أجده الصدر الحنون الذى أبكى علي صدره وأسكب كل دمعى فيه ويردً على بإرسال نسماته الرقيقة ليكفف دمعى ويجففها !!
• yousrielsaid@gmail.com