القاهرة 27 نوفمبر 2014 الساعة 12:03 م
علي شاشة دريم الثانية عاد إلينا الشيخ محمود شعبان الذي حقق نجاحات كبيرة أثناء فترة حكم الإخوان من خلال قنوات تم إيقافها لتحريضها علي الإرهاب.. لكنه أي الشيخ شعبان بعد صمت غاب فيه عن الأضواء عاد إليها بسبب خطبة هاجم فيها الدولة المصرية ومشروع قانون السويس الجديد وهو ما دفع وائل الابراشي لاستضافته عبر البرنامج الأشهر علي القناة المذكورة "العاشرة مساءً" استضافة طويلة انقسم فيها المشاهدون فرقاً. ففريق يري في آرائه شططا لا يليق أن يحظي بكل هذا الوقت وتلك الأضواء في وقت صعب تمر به مصر. وعلي رأس هذا الفريق كان وزير الأوقاف وبعض السياسيين وأساتذة الجامعات والذين تداخلوا مع البرنامج هاتفياً لدحض آراء الشيخ شعبان. أما الفريق الثاني فهو من المؤكد الذين يقتنعون بآرائه أو ربما اقتنعوا علي الهواء أو بسبب الهجوم عليه من باب الشفقة. وفريق ثالث رأي في "الشو" كله متعة تدعو للابتسام والسخرية علي أحوال الدنيا في مصر وخاصة أن ضيف البرنامج لا يثبت لحظة واحدة بدون احداث أية حركة بوجهه أو عينيه أو حركة اليدين أو يقاطع مقدم البرنامج والمعلقين عبر الهاتف. وبالرغم من أن البرنامج كان جاهزاً بفقرات سابقة له في قناة اسمها "الرحمة" إلا أنه تمسك بمواقفه وزايد علي "وائل الابراشي" باستعداده للحبس.. وفي اليوم التالي خرج علينا مقدم البرنامج.. مساء الاثنين.. في الموعد غاضباً لأن الشرطة اعتقلت الضيف بعد انتهاء الحلقة. وظل الابراشي يردد هذا مراراً مؤكداً علي أن من فعلها لابد وأن يعاقب. وبالطبع فقد وضع هذا الحدث الجديد مقدم البرنامج والقناة كلها في حالة حرج لأنها السابقة الأولي التي تنتظر فيها الشرطة ضيفاً لتأخذه من الاستديو إلي الزنزانة. وهو ما يثير الكثير من الأسئلة حول القضية بأكملها لعل أهونها هي قضية الشرطة نفسها لأنها لابد وأن لديها من المعلومات عن الشيخ المذكور وخطبه ضد الدولة ما يكفيها وزيادة فلماذا انتظرت كل هذا الوقت. ولماذا لم تقبض عليه وسط الذين يتلاعب بعقولهم أسبوعياً.. وهل كان هذا السلوك إشارة خفية للإعلاميين أصحاب البرامج المرموقة علي الشاشات المصرية بألا يستضيفوا دعاة التطرف والإرهاب علي شاشاتهم.. بأية حجة.. حتي لو كانت كما قال الابراشي أعرف عدوك أو افضحه.
البرامج وأصحابها
* الأمر الأكثر أهمية هنا هو سلوك الإعلام المرئي تجاه ما يحدث في مصر الآن. فمن الواضح أن كل معد ومقدم برامج يفكر بشكل يظن أنه الأفضل فيما يقدم إلينا يومياً من الصباح للمساء. وأنه لا يوجد اتفاق أو فكر عام يحدد الأولويات التي تقدم للمشاهد. في الأوقات العادية. وفي أوقات الأزمات. ولا يوجد أي اتفاق علي تعاطي الإعلام مع الأحداث الكبري. ولا مواجهة الإرهاب وذيوله. فهل من الصحيح أن تقديم أصحاب الآراء المتطرفة علي مدي ساعات هو محاولة لفضحهم؟ وما الجديد هنا وآراؤهم معروفة لنا جيداً.. المكسب الوحيد في رأيي لهم وليس لنا. وهو نجومية واستعادة قوة لمواصلة المشوار!.. قد يكون الابراشي مؤمنا بهذا.. ولكن من الذي يحدد سياسات القنوات التليفزيونية في مصر؟.. هل هي الإدارة. أم صاحب البرنامج ولماذا يهتم أصحاب القنوات الخاصة بالدفاع عن مصالحهم المالية ولا يهتمون بتحسين أدائهم ومعرفة الأفضل لمشاهديهم.. بل أين هي سياسات العمل الإعلامي فيما نراه يومياً من فوضي. ونقص فادح في التغطيات الملائمة لمجتمع بحجم المجتمع المصري. ربما كان هناك اهتمام جديد من بعض القنوات الخاصة بتقديم موجز إخباري كل ساعة أو إضافة برنامج مسائي لما نشرته الصحف. ولكن هذا وذاك لا يغني المشاهد عن التغطيات من موقع الحدث. ومنذ أيام قليلة كان وزير الإعلام الليبي في القاهرة وأثناء المؤتمر الصحفي معه أكد "عصام الأمير" رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون المصري علي أهمية وجود مراسلين من التليفزيون المصري لتغطية أخبار ليبيا. وهو مجرد تأكيد لأنه لا يوجد مراسلون أيضا في اليمن ولا سوريا ولا أي بلد عربي أو أجنبي الآن. لا لدي التليفزيون المصري ولا القنوات الخاصة المصرية. بل إن الجميع يشتركون أيضا في إهمال التغطيات داخل محافظات مصر نفسها. وأقصي ما لدي أية قناة خاصة مراسلان أو ثلاثة في المحافظات الهامة. بينما يهمش التليفزيون المصري قنواته الإقليمية ولا يستفيد منها مطلقاً.. نحن في ورطة إعلامية كبيرة من قبل حوار الشيخ شعبان. ولن تتحسن الأمور إلا إذا اتفق الجميع علي قواعد عامة للعمل. وعلي أكواد للسلوك الإعلامي. وعلي جدول لمواجهة الأولويات وعلي الأساليب الناجحة للتغطيات بحيث لا تضخم من حجم الحدث وتصيب المجتمع بالقلق والرعب أو نقلل من شأنه.. أن التوازن في التغطيات الإعلامية يحتاج إلي ميزان حساس وإلي ضمير حساس أيضا لما يجري في مصر اليوم.