القاهرة 18 نوفمبر 2014 الساعة 02:56 م
ملك من الخشب :
طلبتْ الضفادع من كبير الآلهة (زيوس) أنْ يُرسل إليهم ملكــًا يحكم مجتمعهم.. ليحميهم من المخاطر التى يتعرّضون لها.. استجاب كبير الآلهة (زيوس) لطلبهم وقذف إلى الماء بشىء أحدث رذاذا كبيرًا.. فرحتْ الضفادع بهذا الشىء.. واعتبرته هدية زيوس لهم.. وأنه هو الذى سيحكمهم.. بعد قليل طفا هذا الشىء على سطح الماء.. وإذا به قطعة من الخشب.. استاءتْ الضفادع مما حدث.. وقالت لكبير الآلهة زيوس : ما هذا الشىء الحقير الذى أرسلته إلينا ؟ هل تـُريد أنْ تحكمنا قطعة خشب ؟ وماذا تفعل قطعة الخشب لحمايتنا والدفاع عنــّا ؟ فأرسل إليهم زيوس ثعبانــًا كبيرًا التهم جميع الصفادع .
000
التعليق : كان إيسوب يستخدم أقصى درجات الخيال : فإذا كانت الضفادع على حق فى أنّ قطعة الخشب – مثلها مثل أى جماد – لا تستطيع أنْ تفعل أى شىء لحماية الضفادع ، ولا حماية نفسها ، فإنه – أى إيسوب – أراد بهذا الرمز خلق نوع من الجدل الدرامى بين البلادة وعدم الإحساس وعدم القدرة على الفعل ، وبين القدرة على الفعل . ولكن تلك القدرة على الفعل جاءتْ فى صورة الثعبان الذى التهم الضفادع ، وكأنّ إيسوب أراد توصيل رسالة مُـعينة وهى أنّ : الحاكم البليد الذى لا يُسبّب أى ضرر لمحكوميه ، أفضل من الحاكم المُـستبد الذى يبتـلع حقوق شعبه. ولكن إيسوب – وهذا اختلافى معه فى تلك الحكاية – تغافل عن أنّ الحاكم البليد – رمز الخشبة – لا يختلف عن الحاكم القادر على الفعل (رمز الثعبان) لأنّ الحاكم البليد (الذى يفتقر إلى قوة الإرادة والفعل) هو الذى يُهيىء الظروف المُـناسبة لخلق بطانة حول الحاكم ، وهذه البطانة تستفيد من (رخاوة الحاكم) فتعمل كل ما تستطيع من أجل مصالحها الشخصية على حساب المصلحة العامة ، وبالتالى ينتشر الفساد ومع انتشار الفساد ينتشر الظلم ، وبالتالى يتحقق الاستبداد .
000
الضفادع تـُزعج الأسد :
سمع الأسد بعض الأصوات قريبة منه.. لم يهتم فى البداية.. ولكن تلك الأصوات استمرّتْ.. وبعد أنْ كانت الأصوات خافتة.. إذا بها ترتفع.. بدأ الأسد يشعر بالازعاج.. ولا يستطيع النوم فى هدوء من تلك الأصوات المُزعجة.. قرّر الخروج ليعرف مصدر تلك الأصوات.. وقتــْـل أصحابها.. وعندما اقترب من بركة ماء.. سمع نفس الأصوات.. نظر فى الماء فرأى الضفادع وهى تـُصدر نفس الأصوات التى أزعجته.. رجع إلى عرشه ورفض أنْ ينتقم منها.. وابتسم وهو يقول لنفسه : حتى تلك الكائنات الضعيفة قادرة على إزعاجى .
000
التعليق : الدروس المُستفادة من تلك الحكاية على بساطتها : 1- أنّ كل كائن حى له قدراته الخاصة وخصائصه التى تـُميّز
ه عن غيره 2- تعميق معنى النسبية ، فإذا كانت أصوات الضفادع قد أزعجتْ الأسد (بصفته ملك الغابة) فإنها غير مُزعجة لباقى الحيوانات وتبدو – تلك الأصوات - طبيعية 3- حكمة التسامح المُـتمثلة فى موقف الأسد فى نهاية الحكاية ، عندما رفض الانتقام من الضفادع ، واكتفى بالابتسام ساخرًا من أنّ تلك الكائنات الضعيفة قادرة على إزعاجه 4- ولأنّ حكايات إيسوب موجّهة للبشر- وليستْ للحيوانات – فبالتالى يكون المغزى الأخير من تلك الحكاية ، أنّ الجماهير الشعبية (التى يستهين الحاكم المُستبد بها ويعتقد أنها مصدر إزعاجه ولا يعمل على حل مشاكلها) قادرة على بثْ الرعب فى نفسه ، حتى لو كانت الوسيلة هى مجرد أصوات مزعجة.
000
التعاون بين ضفدعة وفأر :
اتفقتْ ضفدعة مع فأر على التعاون.. والبحث المُـشترك عن الطعام.. ولكى يتم هذا الاتفاق.. أحضرا خيطــًا فتمّ ربط ساق الضفدعة بساق الفأر.. وعندما وصلا إلى بركة ماء.. إذا بالضفدعة تحن للماء وتقفز فى مياه البركة.. فسقط الفأر معها.. ولأنّ الفأر لا يعرف السباحة.. فقد امتلأ بطنه سريعًا بالماء.. غاص الفأر فى أعماق البركة.. ومعه الضفدعة بسبب الخيط الذى ربط ساق الضفدعة بساق الفأر.. وبعد قليل طفتْ جثة الفأر على سطح البركة ومع الجثة الضفدعة.. مرّت حدأة حول بركة الماء.. فشاهدتْ جثة الفأر.. وبسرعة هبطتْ وخطفتْ جثة الفأر.. ولكنها اكتشفتْ الضفدعة المربوطة بساق الفأر.. فكانتْ وجبة لم تخطر على بال الحدأة.
000
التعليق : هذه الحكاية – رغم بساطتها – أراد إيسوب منها توصيل رسالة معينة منها : 1- من أخطر الأمور الربط العضوى بين كائن وكائن آخر، خاصة لو أنّ هذا الربط العضوى أخذ شكل (الوثاق) الذى يصعب فصمه والتحلل منه (رمز الخيط أو الحبل فى الحكاية) 2- أنّ أحد طرفىْ الاتفاق قد يخل بتعهده لأى سبب من الأسباب ، كما حدث مع الضفدعة التى حنــّتْ للماء بمجرد أنْ رأتْ بركة الماء ، ولم تفكر فى أنّ الفأر لا يعرف السباحة مثلها 3- الطرف الذى يخل بتعهده (فى سبيل مصلحته الشخصية) غالبًا ما يتجاهل حقوق الطرف الآخر، وما قد يحدث له بعد الإخلال بالعهد 4- أنّ الطرف الذى يخل بالعهد قد تقع عليه الكارثة ، طالما أنّ (الوثاق) قيـّد تصرفاتهما ، وبالتالى ربط مصيرهما بنهاية واحدة (خطف الحدأة للفأر والضفدعة) 5- أنّ أى اتفاق من هذا النوع هو شكل من أشكال القيود ، التى يجب على البشر تجنبها .
000
ضفدعة تتمنى أنْ تكون مثل الثور :
كانت الضفدعة كلــّما رأتْ الثور.. تتمنى أنْ تكون فى ضخامته.. فراحتْ تنفخ فى نفسها كى يتضخم جسدها.. وسألتْ أطفالها : هل أنا الآن أصبحتُ فى ضخامة الثور؟ فقال أطفالها : لا. لستِ فى ضخامة الثور.. فراحتْ تنفخ فى نفسها أكثر.. ثم تسأل أطفالها نفس السؤال : هل أنا الآن فى ضخامة الثور؟ فيرد أطفالها عليها : لا. لستِ فى ضخامة الثور.. وتكرّر فعل الضفدعة أكثر وأكثر.. حتى كانت نهايتها أنْ انفجر جسمها .
000
التعليق : 1- يجب على كل كائن حى الاعتراف بقدراته الشخصية والتمسك بها وتنمية مهاراته وفق قدراته 2- من أكبر الكوارث تقليد الآخرين أو التشبه بهم ، بحيث أنّ من يفعل ذلك يفقد شخصيته الخاصة ، ناهيك عن أنه لن يكون مثل من أراد التشبه به 3- أنّ هذا التقليد (
الأعمى) غالبًا ما ينتهى بصاحبه بمأساة كما حدث مع الضفدعة التى تمنــّتْ أنْ تكون فى حجم الثور وضخامته.
000
القرد الذى قلــّـد صياد السمك :
تملـّـكتْ أحد القرود رغبة قوية فى تقليد صياد السمك.. فكان يقف ويتأمّــل الصياد وهو يرمى الشباك فى الماء. وكل ما كان يُشاهد الصياد وهو يرمى الشباك فى الماء ، يقول لنفسه : نفسى أعمل كما يعمل الصياد وأمسك الشباك وأرميها فى الماء.. وفى يوم ذهب الصياد لينام وترك الشباك.. فأسرع القرد وأمسك الشباك وفردها كما يفعل الصياد.. ولكنه عندما فردها أكثر وطوّحها فى الهواء.. وألقى بها فى الماء.. إذا به يسقط مع الشبكه فى النهر. وعندما حاول الخروج.. كانت الشبكة قد التفتْ حوله.. وكاد يغرق.. ولم ينقذه إلاّ بعض الصيادين الذين رأوه على وشك الغرق.. فأخرجوه وهم يضحكون.
000
التعليق : تلك حكاية أخرى ، ركــّــز فيها إيسوب (كما فى الحكاية السابقة) على آفة التقليد الأعمى ، والتغافل عن القدرات الخاصة لكل كائن حى ، وأنّ هذا التقليد غالبًا ما يأتى بنتيجة عكسية ، بل نتيجة كارثية ، كما حدث مع القرد الذى أراد تقليد صياد السمك .
***