القاهرة 06 نوفمبر 2014 الساعة 03:11 م
تعتبر روما عالماً واسعاً لأن كل ما تميز بالعظمة فى الغرب سواء كان فناً او عقيدة أو تاريخاً قد ترك بصماته فى هذه المدينة . ان كافة الآثار الوثنية ،وبواكير المسيحية والحضار البيزنطية ومعارك التحول الى بدايات العصر الوسيط ، وعظمة الكنيسة خلال القرن الثالث عشر ، والنهضة التى شهدها القرنان الخامس عشر والسادس عشر ، هذه المراحل كلها اتخذت من روما مركزاً لها ، حيث غطت اعمالها مدينة روما وظلت تعيش فيها خلال زحام الآثار. ان روما التى عرفتها هى العاصمة القديمة ، والعاصمة الدينية ، وموطن الفنون ، وهيكل الذكريات التى لا تضاهى ، وموطن أناس لا يشبهون غيرهم حتى هذه اللحظة ، لذلك ستظل روما مدينة مقدسة أو على الاقل مدينة البساطة الملكية حسب ما اعتاد المعجبون بها من اهل العالم القديم ان يقولوا لذلك ستظل مدينة المدن .
وتتزاحم فوق صفحات كتاب " روما .. آثارها ولوحاتها القديمة " للكاتب " فرنسيس وى" وترجمة " ابراهيم سلامة ابراهيم " الحقائق التاريخية ممتزجة بالأساطير الاغريقية والرومانية وبعض القصص الدينية لتقدم لنا قصة واحدة فى لوحة عنوانها " روما " .حيث يتضمن هذا الكتاب حوالى 280 لوحة فنية تعرض الكثير من التماثيل ولوحات المناظر الطبيعية والخيالية التى تحكى لنا فصلاً من تاريخ الفن يدور حول مدينة روما قبل 120 عاماً هى عمر هذا الكتاب ، الذى يحشد لنا الكثير من فنون العمارة والنحت والنقش والرسم والتصوير ، هذا الى جانب نتائج احدث الابحاث المتعلقة بالاثار الرومانية وبواكير المسيحية وتلك الحياة الغريبة لعصر النهضة وحياة الرسامين وأعمالهم ، مستعيداً مناطق محددة وعمائر عديدة فى مدينة القناصل والقياصرة و الباباوات بالاضافة الى ازالة الغموض الذى يكتنف الآثار التى استخرجت منذ وقت قريب مثل سكنات جنود الفيلق السابع ، والاجزاء المغطاه من أنفاق روما تحت الارض ، واعمال الفريسكو فى سرداب القديس اكليمندس والعمائر الملكية والنقوش العجيبة فى منزل ليفيا .
و يقع هذا الكتاب فى حوالى 473 صفحة ومقسم الى 26 فصلاً ، حيث يحتل كل فصل العديد من الاماكن التى يتحدثها عنها الكاتب باستفاضة ، مثل نافورة التريتون ، طريق مورسو ، معبد كونكورد ، نافورة تريفى ، قلعة سانت أنجيلو ، قلعة دونجينوس، بازيلكيا قسطنطين ، معبد انطونيوس ، بازيلكيا القديس كليمنت ، كنيسة القديسة سيسيليا ، سوق ساحة نافونا ، تمثال ماركوس اوريليوس البرونزى ، دير القديس يوحنا والقديس بولس ، قصر عائلة فارنيسى ، حدائق بامفيلى ، مكتبة الفلبين ، سيرك رومولوس ، خرائب البلاتين ، منزل الامبراطورة ليفيا ، عمود تراجان ، المتحف الجريجورى ، قصر بورجيزى ، شلالات تيفولى .
ونستعرض عدد محدود من الاماكن التى تناولها الكاتب الذى أكد على ان القارئ لن يهتم بمدينة روما الا اذا اختبراحساسين فى داخله هما حب الجمال ، واحترام كل ما هو عظيم ، لان روما هى متحف جميع العصور ، ومن هذا المنطلق نبدأ بمتاحف الفاتيكان الذى يفضل قبل ان يبدأ الزيارة الدخول الى مكتبة الفاتيكان المستخدمة لحفظ المخطوطات الباباوية ، ثم يتحدث عن لوحة التجلى للفنان "رافاييل " التى يظهر بها السيد المسيح متجلياً بين موسى وايليا على جبل طابور فى لون سماوى ، كما يوجد صالة الصليب اليونانى التى تعتبر اية فى الفن المعمارى وفى وسطها أعمال الموزازيك والرخام الاحمر وأعمدة الصخور المرجانية .
الدومينيكان .. سان مارتن
ويوضح الكاتب فى كتابه ان ايطاليا يوجد بها دستة من الكنائس مثل سانت ماريا التى فى فلورنسا ، قبة سيينا ، سانت كليمنت ، سانت ماريا ماجورى فى روما ، وهى تعتبر متاحف حقيقية بسبب عمارتها ولوحاتها وتماثيلها المنحوتة ، كما هو الحال فى كنيسة الدومينيكان التى تعود تاريخ بنائها الى حوالى نهاية القرن الرابع عشر، والتى يستند الجناح الاول من اجنحتها الثلاثة القوطية الطرازعلى أعمدة بدون تيجان مثل جذوع الأشجار الضخمة التى تنعكس على الأرضية الرخامية اللامعة ، أما النصب التذكارى للكاردينال" اورسينى " يعود الى نهاية القرن الرابع عشر والمعروف ان آثار هذا العصر فخمة بالنسبة الى القرن الذى يليه ، هذا بالاضافة الى كنيسة سانت أندرو التى تقع فى الوادى وتزدخر واجهتها بالزخارف المعمارية وتتميز هذه الكنيسة بالضخامة والثراء .
أما منطقة سان مارتن فهى متعة لعلماء الآثار حيث يوجد بها ثلاثة كنائس أحداها فوق الأخرى وعند اعادة بناء هذه الكنيسة الصغيرة عند بداية القرن السادس أعد القديس " سيماخوس " عند حمامات ترجان مكاناً للدفن من أجل البابا مارتن الاول الذى دفن هناك ، ويوجد تحت الكنيسة كنيسة أخرى تنزل منها الى سرداب يوجد فيه مقبرة " سانت سيلفستر " حيث قيل انه ترأس مجلس روما سنة 424 م ، أما كنيسة سانت مارتن فليس لها أسقف ولا اقواس ،أما الاشغال الخشبية فتستند الى أربعة وعشرين عمود كورنثى قديم من الرخام الثمين .
كنيسة القديس بطرس .. مسلة كاليجولا
ويؤكد الكاتب فى كتابه على ان كنيسة القديس بطرس يوجد بها 44 مذبحاً و العديد من الاعمدة التى تبلغ 748 عموداً ، وقاعة المجلس يحتلها 389 تمثالاً ، اما البازليك القديمة الموجودة فى نفس المكان فقد مضى على انشائها 1100 عام وذلك عندما اتهم البابا نيقولاس الخامس الاثريين الذين يستخفون بالمقدسات والسعى الى اقامتها بشكل أفخم من معبد سليمان . ويوجد عند قاعدة المذبح الرئيسى 87 قنديلاً مضاءاً باستمرار ، أما التمثال الذى يحرص الناس على زيارته فهو التمثال الجالس للقديس بطرس وهو مصنوع من البرونز ويعود الى القرن الخامس .
هذه هى بازيلكيا القديس بطرس التى تراقبها مسلة كاريجولا التى احضرها كاريجولا من مصر ووضعها أما حلبة السيرك الذى اقامه فى حدائق الفاتيكان حيث اصبح هذا السيرك مسرحاً لأوائل الشهداء الذين كانوا يحفرون القبور لاخوتهم تحت نفس الأرض الذين اعترفوا فوقها بعقيدتهم المسيحية ومنذ ذلك الوقت أصبحت هذه البقعة مقدسة وعندما هجرها الاباطرة وتركوها جرداء قام المؤمنون باحضار رأس القديس بولس والقديس بطرس وتم دفنهم مع بقية ضحايا الاضطهاد الاول فى هذا المكان.
الكوليزيوم .. قصر البندقية
ويذكرالكاتب فى كتابه ان حلبة الكوليزيوم حصلت على التقدير اللازم حتى ان الباباوات رمموها بتكلفة عالية وذلك نظراً لعظمتها الاثرية أما كمية الشجيرات والنباتات المزهرة التى يحميها الكوليزيوم فقد أكد علماء النباتات بان هذه الحشائش لا توجد فى أى مكان آخرتحت السماء الرومانية .
ويعد قصر فينسيا " قصر البندقية " الذى يقع بجوار كنيسة سانت مارك ، بناء فلورنسى خالص وينتمى الى عصر الرثاء ويعود بناءه هو والكنيسة الى سنة 1468 م .
هذا الى جانب كنيسة " أنتونينوس" والقبر المسقوف اللذان يتوجهما افريز يقف عليه طيور العنقاء الخرافية التى لكل منها رأس وجناحا نسر وجسم أسد ويفصل بين كل اثنين شمعدان ، وقد كانا فيما مضى معبداً وثنياً ، وتمثل أعمدته أحجاراً ضخمة ليس لها مثيل وهى عبارة عن أكاليل فوق كتل ضخمة من الرخام وهى أعمدة من الطراز السداسى .
أما حمامات " كاراكالا " فتعد واحدة من أعظم اثار الدنيا وهى تقع عند طرف سيرك مكسيموس ، وتعتبر هذه الحمامات أجمل خرائب روما الموجودة فى الوادى ، حيث انها تكفى 1600 شخص فى وقت واحد وتحتوى على العديد من الاماكن مثل الحجرات التى يتم تسخينها بالبخار والنافورات ، ومحلات الروائح ، وأكشاك أدوات الزينة ، ومطابخ ، وموائد لتناول الطعام ، ومكتبات وغرف للقراءة ، ومسرح للعروض الكوميدية ، وجامينزيوم للالعاب الرياضية .
أقواس السلام ... كنيسة سيكستين
ويضيف الكاتب فى كتابه ان " أقواس السلام " ترجع الى القرن الخامس عشر ، وهذه الاقواس المسقوفة استخدمت كنماذج للعديد من المبانى التى تستخدم فى الاحتفالات بالنصر ، وهى تعود الى اصل رومانى ، وأقيم أقدمها فى سنة 634 م لاحياء ذكرى فابيوس ، وتوجد اعظم ثلاثة نماذج لهذه المبانى على جانب الطريق الذى كانت تعبره مواكب النصر ، أولها هو اصغر هذه النماذج ويتميز بالفخامة ومقام ، على اسم " سبتميوس " وامام المبنى يوجد نقش دقيق يصف كيفية تكريس هذا المبنى ، وهو تذكار له أهميته منذعصر كاراكالا الذى قتل اخاه " جيتا " ومحا اسمه وكل ما يتعلق به من نقوش .
وثانيها هو قوس تيتوس الذى تم استكماله بعد وفاة تيتوس ، و يتميز ببوابة واحدة قوية فى بنيانها ، واستخدم فى تزيينها حروف جميلة ، وعلى الوجه الاخر قدموا وصفاً ملخصاً للاستيلاء على أورشليم واستسلام أقليم اليهودية ، أما الوجه الامامى للنقش يظهر بقايا دمار الأمم المقهورة .
وثالثهما هو قوس قسطنطين الذى ينقصه الصلابة ولكن يجذب انظار السائحين بروعته وتناسق اجزائه الصغيرة وترتيب اجزائه الرئيسية .
وينهى الكاتب كتابه بانه فى سنة 1511 م وتحديداً فى يوم عيد كل القديسين عرض البابا يوليوس الثانى فى بلاطه الثلاث لوحات الفريسكو الاولى التى انجزها رافاييل فى غرفة الخطيئة الاولى وكذلك ايضاً رسومات مايكل انجلو التى لم تستكمل بعد ، و قد بدأها منذ مايو 1508 لتزيين سقف كنيسة سيكستين الصغيرة الغير مزخرفة فيما عدا الرسوم الزيتية التى تغطيها كلها ، وهى تشمل الجزء الاؤضى الذى طلب " ليو العاشر " من رافاييل ان يتولى شغله بمناظر من الكتاب المقدس ، بالاضافة الى أحد عشر مسلسل من الرسوم المتحركة نفذها الفنان على السجاد المطرز برسوم ملونة .