القاهرة 06 نوفمبر 2014 الساعة 03:06 م
فى إطار دفع حركة العمل بالمشروعات القائمة بالقاهرة التاريخية التى تعد أحد أكبر مواقع التراث العالمي تبدأ وزارة الآثار مشروعي إعادة تأهيل وتوظيف وكالة قايتباي الأثرية بباب النصر وسور القاهرة الشمالي
وأكد د. ممدوح الدماطي وزير الآثار على أن المشروعين يأتيان في إطار تعاون الوزارة مع وزارة الإسكان والمجتمعات العمرانية حيث تتحمل وزارة الإسكان تكاليف كافة الدراسات والأبحاث التي ستتم لتطوير الوكالة الأثرية والسور، لافتاً إلي أهمية هذا الموقع و ضرورة استثماره اقتصادياً وسياحياً واجتماعيا.
وأوضح الوزير أن التعاون بين الوزارتين يعد خير دليل علي تكاتف كافة الجهات الحكومية في تلك الفترة للنهوض بمصر مرة أخري علي جميع الأصعدة، مشيراً إلي أن هذا التعاون لم ولن يكون الأخير بين وزارة الآثار وأياً من الوزارات أوالجهات الحكومية الأخرى لتنفيذ مشروعات من شأنها رفع كفاءة وتطوير المواقع والمزارات الأثرية.
ومن جانبه قال محمد عبد العزيز مدير مشروع تطوير القاهرة التاريخية أن هذين المشروعين من أهم المشاريع في الفترة الحالية حيث يهدف الأول إلي تحويل وكالة قايتباي الأثرية إلي فندق تراثي ذي طابع خاص يتم تزويده بمفروشات تحاكي عصر إنشائها لتصبح عنصرا جذاباً ينتمي إلي أجواء القرن الخامس عشر حيث بناها الملك الأشرف أبو النصر قايتباي في عام 885هـ /1481م بما يتيح للزائر المبيت بالمنطقة حتى يتثني له الاستمتاع بكل جزء بالمكان.
وأضاف إلي أن المشروع الثاني يشمل تطوير سور القاهرة الشمالي وهو المدخل الرئيسي للقاهرة التاريخية وتزويده بشاشات عرض عملاقة تعرض تاريخ المدينة وتطورها ومبانيها الهامة كما سيتم توزيع كتيبات إرشادية للزائرين بلغات متعددة بالإضافة إلي إنشاء عدد من البازارات وتأجيرها، لافتاً إلي أن هذين المشروعين سوف يكون لهما أكبر الأثر في زيادة دخل الوزارة خاصة في ظل نقص مواردها في الفترة الحالية، مشدداً علي عدم المساس بالشكل التراثي القديم لهذه المباني الأثرية كافة في ضوء الضوابط والمعايير الخاصة بإعادة تأهيل وتوظيف الآثار والتي حددتها اللجنة الدائمة للآثار الإسلامية والقبطية.
أبواب ضخمة وأبراج عالية
أبواب ضخمة وأبراج عالية وسور ممتد يطوف القاهرة بناه بدر الجمالي عام480هـ/1087م,وثمانية أبواب لكل جنب من أجنابها الأربعة لم يبق منها غير ثلاثة أبواب وهي باب النصر,باب الفتوح,وباب زويلة وجزء من سور القاهرة الشمالي.مازالت تقف هذه الآثار إلي الآن شاهدة علي عظمة تاريخ مصر ولتعود بنا إلي القرن العاشر الميلادي لنشاهد كيف كان يعيش سكان القاهرة,وكيف كانوا يدافعون ويحصنون مدينتهم؟ وللأهمية الأثرية لتلك الأبواب الأثرية تم بترميم السور الشمالي وأبواب القاهرة الأثرية لمسح أثر السنين والإهمال والتعديات من علي وجه تلك الآثار الفاطمية ، حيث قامت شركة وادي النيل للمقاولات بترميم وتوثيق سور القاهرة الشمالي وأبوابه الأثرية الفتوح,النصرمنذ مايو2000 وتنقسم أعمال الترميم إلي قسمين:قسم خاص بترميم الأخشاب ويشمل ضلفتي البوابة الخشبية حيث إن عوامل الزمن أضرت بأجزاء البوابة القريبة من الأرض لذلك تم استكمال هذه الأجزاء علي أسس علمية حيث قام المختصون بالترميم الدقيق بتحليل أخشاب البوابة الأثرية لمعرفة النوع والكثافة لإحضار الأخشاب المناسبة,كما تم استكمال أجزاء البوابة المصفحة بالحديد والمسامير الصلب علي نفس النمط والنظام. أما القسم الآخر من الترميم فيشمل ترميم الأحجار وذلك عن طريق دراسة الأحجار المتواجدة بالسور والأبواب الأثرية لمعرفة المتآكل والمشروخ منها لاستبداله بأحجار من نفس نوع الأحجار الجيرية وبنفس المواصفات ودرجة اللون ، خاصة أن عوامل الزمن وعوادم السيارات تراكمت فوق الأحجار الأثرية مكونة عليها طبقة من السناج الأسود,لذلك تم عمل كمادات كيميائية بمواصفات معينة تم تجربتها مسبقا لإزالة الأتربة والسناج من علي الأحجار الأثرية.
ويهدف الترميم إلي إرجاع شكل السور والأبواب الأثرية إلي أصلها والوصول إلي المنسوب الأثري لشارع المعز والجمالية لأن منسوب الشارع تعرض للارتفاع أكثر من مرة بسبب الرصف وإعادة الرصف,وبالفعل تم الكشف عن الأرضية الأثرية القديمة لشارع المعز بحوالي70سم والكشف عن البلاط البازلت الذي كان يستخدم في تعبيد الشوارع,ومعرفة الطول الحقيقي للبوابتين وإعادة تحريكهما بحيث يستطيعان الفتح والإغلاق.
شارع المعز .. قيمة أثرية وتاريخية
يعد شارع المعز أحد أهم الشوارع ليس في مصر فقط بل علي مستوي العالم من حيث القيمة الأثرية والتاريخية حيث يضم جميع العمائر الاسلامية والحربية والدينية والاجتماعية والتعليمية ، كما انه كان يعد الشارع الرئيسي الذي أنشأه الفاطميون للمرور لمدينة القاهرة القديمة وقد سمي قبل ذلك بشارع بين القصرين ، وهو الشارع الذي كانت تمر من خلاله مواكب الاحتفالات ومن هذا المنطلق حرصت الدولة علي تنفيذ مشروع متكامل لتطوير الشارع وإنقاذ وترميم المباني التاريخية والمواقع الأثرية الموجودة علي جانبيه وفقا لأحدث النظم العالمية لتطوير الشارع وتحويله إلي متحف مفتوح للآثار الإسلامية ,وذلك في إطار المشروع المتكامل الذي تنفذه الدولة لتطوير وإنقاذ آثار القاهرة التاريخية الذي يتضمن ترميم وإنقاذ 217 أثرا إسلاميا وتاريخيا فريدا أضيرت من زلزال 1992 وفي مقدمتها كنور شارع المعز
ويعتبر شارع المعز بمثابة كتاب حي مفتوح للزائرين لكي يقرأوا بالعين المجردة تاريخ مصر عبر رحلة طولها ألف سنة,حيث كان للقاهرة يوم ولدت أحد عشر بابا وكانت مدينة مغلقة تغلق أبوابها في الليل وتفتحها في النهار ولم تعلن مدينة مفتوحة إلا منذ 500 عام فقط عندما جاءها السلطان سليم غازيا من اسطنبول ولم يبق من هذه الأبواب غير ثلاثة أبواب وهي باب النصر وباب الفتوح وباب زويلة الذي يمتد بينها شارع المعز بما يحتويه من العديد من الآثار وهي علي سبيل المثال لا الحصر جامع السلطان الغوري الذي يضم جامعا وسبيلا وكتابا وعمره الآن 503 أعوام, ومجموعة السلطان المنصور سيف الدين قلاوون الألفي والتي يناهز عمرها 702 عام وتضم مقبرة وضريحا وبيمارستانا, وجامع الناصر محمد بن قلاوون والذي تتغير ألوان قبته بنقوشها وزجاجها الملون مرة كل ثلاث ساعات مع تحرك الشمس من الشرق إلي الغرب, وجامع برسباي المعلق فوق بابه خوذة ملك قبرص ويعود تاريخ إنشائه إلي عام 1425م, وجامع المؤيد وعمره الآن 603 سنوات والذي أقيم مكان أحد السجون التي كانت تجري بها العديد من ألوان العذاب وهو ملاصق لباب زويلة, وجامع الأقمر الذي أقامه الخليفة الأمر بأحكام الله أبو علي المنصور منذ 917 عاما وهو من أحمل المساجد الفاطمية علي الإطلاق حيث إن واجهته هي أول واجهة مزخرفة في المساجد المصرية, وجامع أحمد بن طولون الذي يعد أول جامع تقام فوقه مئذنة يؤذن من فوقها للصلاة وثالث جامع أنشئ بمصر الإسلامية بعد جامع عمرو بن العاص وجامع العسكر الذي زال من الوجود, وعند الانتهاء من شارع المعز وقرب باب الفتوح يوجد جامع الحاكم بأمر الله رابع الخلفاء الفاطميين والذي دمر مئذنتيه زلزال قرب القاهرة عام 1303م وأعاد بناؤهما الظاهر بيبرس.
باب النصر
يقع باب النصر بميدان باب النصر وكان هذا الباب عند تأسيس مدينة القاهرة علي يد جوهر الصقلي عام969م-975م دون موضعه الحالي وعندما جدد بدر الجمالي سور القاهرة عام1087م نقل بوابة النصر إلي موضعها الحالي.وتتكون عمارة بوابة النصر من واجهتين إحداهما رئيسية وهي ذات برجين مربعين نقشت علي أحجارها من الخارج أشكالا تمثل بعض الآلات الحربية من سيوف,ودروع,وتروس,ويعلو البرجين شريط كتابي مكتوب بالخط الكوفي المزهر(وهو خط ظهر في العصر الفاطمي نهايات أحرفه علي هيئة الأزهار)وهذا الشريط الكتابي يسجل تاريخ إنشاء البوابة ويعلو كلا البرجين مزاغل وهي فتحات صغيرة في الأسوار والأبراج الحربية يستخدمها المحاربون في رمي السهام لمحاربة الأعداء ويتوسط هذه الواجهة الرئيسية المدخل الرئيسي للبوابة وهو عبارة عن باب خشبي شاهق الارتفاع يتكون من مصراعين وبكل مصراع عدة أشرطة مصفحة بالمعدن ومثبته بالمسامير ويعلو الباب فتحة لصب المواد الحارقة علي المهاجمين وعلي يمين الداخل من هذه البوابة يوجد سلم حجري يؤدي إلي الطابق الثاني حيث أبراج المراقبة المستخدمة في الدفاع عن البوابة أما الطابق الثالث للبوابة فيشمل ممرا يؤدي إلي مساحة مستطيلة بها عدة فتحات لرمي السهام.أما الواجهتان الفرعيتان فبهما عدة مزاغل لرمي السهام ويتوجهما صف من الشرفات الحجرية لاختباء الجنود.
باب الفتوح
أما باب الفتوح الحالي يقع علي بعد150مترا من باب الفتوح القديم المنشئ عند تأسيس مدينة القاهرة علي يدجوهر الصقليأما الآن فهو يقع بالجهة الشمالية الشرقية من أسوار القاهرة التي بناهابدر الجمالي وسمي هذا الباب بباب الإقبال كما هو مدون في النصوص التأسيسية ولكن نسي الناس هذا الاسم واحتفظ بالاسم القديم الذي انتشر بين العامة وهو باب الفتوح.وتتكون عمارة بوابة الفتوح من واجهتين إحداهما رئيسية وهي تطل علي ميدان باب الفتوح ويتوسطها برجان مستديران ويعلو البرجين فتحات مزاغل لرمي السهام,وشبابيك مستطيلة لا يغشيها أي أحجبة ويتوج البرجين صف من الشرفات الحجرية التي اتخذت علي شكل الدروع ليختبئ وراءها الجنود,ويتوسط البرجين غرفة دفاع مستطيلة المساحة بها فتحة لصب المواد الحارقة علي المهاجمين.أما الواجهة الفرعية يوجد بها سلم حجري يفضي إلي الملحقات الداخلية للبوابة.ويحيط بالسور الواصل بين باب الفتوح وباب النصر شريط كتابي أثري يبدأ من البرج الأيسر لباب الفتوح وينتهي بالجزء المحيط بمنارة جامع الحاكم بأمر الله المجاور لهذا الباب مكتوب عليه تاريخ إنشاء البوابة.
والمسافة بين برج باب النصر وباب الفتوح يوجد بهاسقاطة وهي عبارة عن شرفة تبرز خارج المبني بها مزاغل لإلقاء السهام,وبأرضيتها ثقوب لإلقاء الزيوب المغلية والمواد الكاوية علي من يقترب من السور وذلك للدفاع عن أجزاء السور الخالية من الأبراج,كما أن هناك ممرا يصل بين باب النصر وباب الفتوح مبني في سمك السور ليسمح للجنود المدافعين عن المدينة بالتحرك دون أن يراهم أحد من الخارج وبهذا الممر مزاغل أيضا لرمي السهام علي الأعداء.
باب زويلة
أن الباب الثالث من أبواب القاهرة الأثرية والباقية إلي الآن هو باب زويلة الذي تم ترميمه وافتتاحه منذ حوالي3سنوات وتمت أعمال ترميمه عن طريق منحة أمريكية بمعرفة مركز البحوث الأمريكية وتحت إشراف المجلس الأعلي للآثار حيث تم إزالة الأحجار المتهالكة في الباب ووضع أحجار أخري من نفس النوع واللون والمساحة,وترميم الأجزاء النحاسية بالباب,كما تم الكشف عن الجزء الذي دفن من الباب تحت الأرض وترميمه لإعادة تحريك البوابة وفتحها وغلقها,وبسبب تلك الحفائر التي تمت باب زويلة تم الكشف عن بعض المقتنيات الأثرية المدفونة تحت الباب ووضعها في فتارين متحفية مؤمنة وعليها حراسة. ويرجع اسم باب زويلة إلي قبيلة زويلة المغربية التي جاءت مع المعز لدين الله أول الخلفاء الفاطميين إلي مصر وسكنت بالقرب من المكان مما أدي إلي تسمية البابين باسم القبيلة وعندما قامبدر الجمال بتوسيع أسوار القاهرة قام بدمج بابي زويلة وجعلهما بابا واحدا.يتكون باب زويلة من برجين مستديرين يتوسطهما برج مكشوف يؤدي إلي باب المدخل ويرتفع البرجان إلي ثلثي الارتفاع في بناء مصمت ويأتي في الثلث العلوي من كل منهما حجرة دفاع وفي عام818 هـ قام المؤيد شيخ باستغلال كل من برجين الباب كأساس لمئذنتي الجامع اللتين تشكلان الآن أبرز معالم باب زويلة.
المعالم القديمة للقاهرة الفاطمية
ويهدف مشروع القاهرة التاريخية إلى إيجاد مجموعة جديدة متكاملة من المتاحف والمواقع التاريخية التي ستكون متاحة على نطاق واسع للمواطنين والسياح على حد سواء في القاهرة وذلك من خلال إعادة المعالم التاريخية القديمة للقاهرة الفاطمية ، حيث تم البدء فيالخطوات التنفيذية لمشروع القاهرة التاريخية في عام 1999م بطرح جميع مشروعات ترميمالآثار على مكاتب استشارية هندسية لإعداد الدراسات الخاصة بتلك الآثار وكذامتطلبات العمل الأثري والهندسي بها وإعداد المقايسات الخاصة بالمشروعات وكراساتالشروط والمواصفات لكل مشروع على حدا . تم تقسيم جميع الآثار بمشروع تطوير القاهرةالتاريخية إلى مجموعات داخل أربعة مراحل للعمل وقد تم تحديد الأسبقية في الترميمبهذه المراحل حسب أولويات الترميم والحفاظ على هذه الآثار وطبقاً لحالتهاالمعمارية والإنشائية وأهميتها التاريخية
وتنقسم هذه المراحل الى المرحلة الأولى تضم 45 أثراً بمناطق الحسين والأزهر والدرب الأحمر ، المرحلة الثانية تضم 25 أثراً بمناطق النحاسين وبيت القاضى، المرحلة الثالثة تضم 43 أثراً بمناطق الجمالية والخرنفش، المرحلة الرابعة تضم 28 أثراً بمناطق باب زويلة وباب الوزير .
القصور والمساجد الأثرية
وتم الانتهاء من المرحلة الاولى والثانية بترميم عدد من القصور والمساجد الأثرية، وهي قصر الأمير بشتاك وجامع عبد اللطيف القرافي وحمام السلطان إنيال والمدرسة الكاملية. وشملت عمليات التطوير والترميم معالجة الزخارف وتقوية الأساسات والقضاء على مشكلة المياه الجوفية ، بعد ان عانت من الإهمال وسوء الترميم على مدى السنوات الماضية، حتى كاد بعضها يندثر كقصر بشتاك الذي أنشأه الأمير سيف الدين بشتاك عام 740 هجرية، اما مدرسة الملك الكامل،فكانت تعاني من ميل الأعمدة الرخامية بشكل غير آمن إنشائياً، فتم صلب السقف وفك الأعمدة وإعادتها للوضع السليم، إضافة إلى ترميم الواجهات الخارجية، وإعادة بناء الميضأة التي لم يتم إنشاؤها على أساس علمي ، وبعد إنجاز هاتين المرحلتين تم البدء في المرحلة الثالثة من مراحل الترميم على أن يتم طرح باقي آثار هذه المرحلة تباعاً إلى أن تنتهي المشروعات بطرح المرحلة الرابعة
ومما لا شك فيه ان المشاركة المجتمعية تمثل أهمية بالغة في هذه المرحلة تحديداً لحماية المناطق الأثرية بوجه عام ومنطقة القاهرة التاريخية بوجه خاص من التعدي عليها وان منظمات المجتمع المدني والجمعيات الأهلية وأهالي المنطقة بالتعاون مع وزارة الآثار سوف يكون لها الدور الأكبر في هذا الأمر وعودة الوضع كما كان عليه واستمرار أعمال التطوير بالمنطقة