القاهرة 30 اكتوبر 2014 الساعة 02:09 م
فجأة أصبحت تونس هى أرض مكة المكرمة ...فجأة تحول الشعب التونسى إلى كفار قريش ... فجأة أصبح راشد الغنوشى زعيم حزب النهضة الإسلامي " الإخوان المسلمين هناك " هو رسول الله ...فجأة أصبحت الانتخابات البرلمانية التونسية التى انتهت منذ ساعات هى معاهدة الحديبية .
والله الكلام ليس من خيالى لكن هذا ماتفتق عنه ذهن راشد الغنوشى بعد إعلان هزيمة الإخوان المسلمين وحزبهم " حزب النهضة " الذى هيمن على حكم تونس العامين الماضيين .
نفس فكر وسلوك الإخوان فى مصر حين وصلت أكاذيبهم للدرجة التى جعلت الملائكة وعلى رأسهم جبريل يتنزلون إلى ساحة رابعة بعد تحولها إلى غار حراء، والأكثر من ذلك أن الرسول قدم د. مرسي ليؤم الناس في الصلاة ولم يقف الأمر عند تشيبهه بأبى بكر الصديق حين أمره الرسول بخلافته فى الصلاة بالمسلمين بل زاد الكذب للدرجة التى جعلت الرسول ومعه الملائكة يصلون خلف د. مرسى !!
أضحك حين أشاهد الغنوشى فى تونس بعد شهور مما حدث فى مصر يقع وإخوانه فى نفس الأخطاء حتى ولو حاولوا إظهار عكس ذلك .
والحكاية إن حزب "نداء تونس" العلماني على حد وصف الإخوان فاز بالأغلبية فى الانتخابات البرلمانية التى تشكل الاستحقاق الثانى بعد إقرار الدستور فى يناير الماضى ولا يتبقى أمام التوانسة إلا الانتخابات الرئاسية فى نوفمبر القادم .
يعنى طبقا للنظام الانتخابي النسبي بالقوائم سيشكل حزب "نداء تونس" الفائز الحكومة القادمة من خلال ائتلاف الأغلبية فى البرلمان وطبقا للدستور هناك صلاحيات الحكومة والبرلمان كبيرة جدا ، بالمقارنه بالرئيس ، يعنى باختصار خرج الإسلاميون هناك من دائرة صنع القرار والحكم حتى ولو فازوا بالرئاسة !!
نعم فى البداية ظهر إخوان تونس بقيادة الغنوشى بأنهم أكثر ذكاء وحنكة من إخوانهم فى مصر بعد أن تعلموا الدرس من رأس "إخوانهم الطائر" فى المحروسة .. وجاء ذلك من خلال تخليهم عن الحكم بعد خروج الملايين ضدهم وأقالوا حكومتهم ووافقوا على تشكيل حكومة مستقلة دخلت بها تونس الانتخابات البرلمانية بشكل ديموقراطى، ليفوز الحزب المعارض بها .
نعم الذكاء يحسب للغنوشى أنه أدرك إن الرياح قوية فى المنطقة كلها ضدهم و ستعصف بهم إذا ساروا على درب إخوانهم فى مصر ، لذلك طبقوا المثل المصرى " وطى للريح لما تعدى " بعد أن أصاب الغباء "إخوانهم" فى مصر.
الغنوشى حسبها صح .. قال المشاكل كبيرة فى الحكم الآن بعد عامين من رئاسة الحكومة ، والمعارضة أفضل بدلا من الوقوف ضد الطوفان الجماهيرى الرافض لهم ، وهى فرصة لإلتقاط الأنفاس من خلال الاستمرار فى نهجهم فى خداع التوانسة بأنهم يدافعون عن حقوقهم وسيأخذونها من "عين " العلمانيين !!
نعم قد يبدو سلوك الغنوشى ديمقراطيا فى مظهره ، لكن لأن الطبع غلاب ظهر وجهه الحقيقى فى خطابه مع أهله وعشيرت
ه ، بعد إعلان نتيجة الانتخابات وهو نفس خطاب الرئيس السابق محمد مرسى ومنهج عشيرته .. بإقحام الدين والرسول وبشكل ممجوج كيف ؟
يقف الغنوشى أمام أهله وعشيرته مصدرا كلامه بسورة الفتح فى القرآن الكريم ويصف ما حدث من هزيمة لحزبه فى الانتخابات بأنه فتح مبين على غرار ما حدث للمسلمين قبل فتح مكة .
ولم يقف الأمر عند ذلك بل تعدى خيال د. مرسى وإخوانه فى مصر بأن شبه نفسه برسول الله وهويذكر قول الله تعالى " انَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا لِيَغْفِرَ لَكَ
اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا وَيَنصُرَكَ اللَّهُ نَصْرًا عَزِيزًا"
ويفسر الغنوشى بمزاجه آيات سورة الفتح التى نزلت على قلب الرسول على مشارف مكة حين توجه مع المسلمين لأداء العمرة فرفض كفار قريش وبعد مفاوضات تم عقد صلح الحديبية الذى سمح للرسول والمسلمين بالحج لكن العام القادم مع عودته هذا العام دون دخول مكة مع شروط أخرى .. وقد رفض بعض الثوريين والمتحمسين من أمثال عمر بن الخطاب المعاهدة - والوصف والكلام للغنوشى الذى جعل ابن الخطاب مع الثوريين من أبناء تونس .. " شوفوا البجاحة "– لأن المعاهدة تعطى حقوقا للكفار أكثر من المسلمين ، ولم تمض فترة قليلة حتى أدرك الجميع أن قبول الرسول بها ليدخل العام القادم هو فتح مبين هكذا يقول الغنوشى ..
وينتقل الغنوشى لبيت القصيد ويصف ماحدث فى تونس لحزبه بأنه "الفتح المبين والنصر المبين " ويطالب شباب الإسلام بالاحتفال بعد أن أصبح دعاء الشباب فى العالم " اللهم "تونسنا" حتى ننعم بالحرية" ، وبعد أن اصبح حزب النهضة الوحيد فى تونس له هذه الجموع ، ...ولا أعرف لماذا لم يحصل على الأغلبية إذن ؟ وأنا على فكرة قابلت الكثير من شباب العالم وجدتهم لم يدعوا هذا الدعاء اللهم "تونسنا "... خيال بخيال وكذب بكذب بقى !!!
ورغم أن التخبط و"الكذب م لوش رجلين " مثلما يقول المثل عندنا فنجد الغنوشى يعترف تارة ويكذب تارة أخرى .
يقول فى العام الماضى رأينا إن وجودنا فى السلطة يهدد عرش الوحدة الوطنية والحرية فى البلاد فأنسحبنا من السلطة لأن تونس أعز علينا من السلطة ومن النهضة .. يعنى اعتراف بالهزيمة بعد التجربة فى الحكم لمدة عامين ومع ذلك يصف ما حدث لحزبه من هزيمة فى الانتخابات " بالنصر والفتح المبين " .
ويستمر فى خداع الشباب المغرر به بقوله "عليكم أن تثقوا بالشعب التونسى حتى بتصويته ضدنا لأنه تعرض لمحاولات غش وغسيل إمخاخ " ولا أعرف كيف أثق فيمن تم غسيل مخه ؟ !!
أخيرا أقول ورغم هذه المناورات فإن الجميع فى تونس فائزون وتونس هى الرابح الأكبر.. لكن هذه الانتخابات لطمة قاسية على وجه تنظيم الإخوان الدولى لإنها مؤشر ديمقراطى حقيقى باعترافهم بأن الشعوب لا تريدهم وأن الهزائم تنتظرهم فى أى انتخابات قادمة فى أى بلد عربى بعد أن أخذوا الدرس القاسى فى مصر ، وفقدت الشعوب العربية الثقة فى الإسلاميين بعد عنفهم وإرهابهم الذى إتخذ من الإسلام رداء له ..
نعم بدأ الربيع العربى من تونس لكن خريف "الإخوان "بدأ من مصر !!
yousrielsaid@gmail.com
.