القاهرة 11 اكتوبر 2014 الساعة 04:40 م
علي ترانيم الله يبارك بلادي والسلام الوطني افتتح المهندس إبراهيم محلب رئيس الوزراء الكنيسة المعلقة بمنطقة مصر القديمة وذلك بعد الانتهاء من مشروع ترميم استمر 16 عاما، وحضر حفل الافتتاح قداسة البابا تواضروس الثانى بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية ، والدكتور ممدوح الدماطى وزير الآثار ، وعدد من الوزراء ومحافظ القاهرة .
و استهل المهندس إبراهيم محلب كلمته بعبارة البابا شنودة الشهيرة : مصر ليست وطنا نعيش فيه بل وطن يعيش فينا ، وأرجع طول الفترة التى استغرقها المشروع بأنه لم يكن مشروعا واحدا بل تضمن أكثر من مرحلة . وأضاف أن تخفيض المياه الجوفية التى هددت كل دور العبادة بالمنطقة لم يكن سهلا لأن حالة الكنيسة الإنشائية كانت خطرة . وأشار إلى أنه زار البابا شنودة قبل بدء مشروع الترميم وأكد له أن الكنيسة ستحظى بنفس الاهتمام الذى يحظى به الجامع الأزهر الذى كان يرمم وقتها . وأوضح أنه زار الكنيسة مرة بعد توليه وزارة الإسكان ، ومرتين عقب توليه رئاسة الوزراء وكانت تعليماته واضحة بإعطاء مشروع ترميم الكنيسة أولوية خاصة.
حصن بابليون الرومانى
بينما أشار البابا تواضروس الثاني إلى أن فكرة فكرة بناء الكنيسة غير مسبوقة في العالم كله حيث تم بناؤها علي بقايا "حصن بابليون" الرومانى وهو سبب تسميتها بالمعلقة، بالإضافة إلي ارتباطها باسم السيدة العذراء وكذلك أشهر شهيدة مصرية من القرن الرابع الميلادي وهي القديسة "دميانا". وأكد أن حفل الافتتاح اليوم يقدم ثلاث رسائل . الأولى رسالة وفاء للآباء والأجداد الذين بنوا هذ الصرح الضخم، والثانية رسالة وعي لكل المصريين بأن مصر كانت ولا تزال وستبقي متحفاً للحضارة والتاريخ أما الثالثة فرسالة سلام لكل العالم بأن الجميع يمكن أن يتعايشوا بسلام و يحيون فى محبة ، فليست الأديان للتناحر ولكن لصنع المحبة .
مهد الحضارة وفجر التاريخ.
وأوضح الدكتور ممدوح الدماطى أن المهندس إبراهيم محلب ساهم فى العمل بالكنيسة وهو على رأس شركة " المقاولون العرب " ، ويفتتحها اليوم وهو على رأس الحكومة ، ووجه الشكر لمجلس الدفاع الوطنى وشركتى المقاولون العرب واوراسكوم لدورهم جميعا فى اتنفيذ هذا المشروع ، واستعرض تاريخ الكنيسة وقيمتها وقال فى كلمته : من قلب هذه البقعة المقدسة أرسل إليكم رسالة ترحيب ممتزجة بالسعادة ، سعادة ترتبط بالنجاح فى إنقاذ أثر بالغ الأهمية فى مسارات التاريخ المصرى بمختلف عصوره وحقبه . إنها الفرحة التى تطغى علينا كلما أنقذنا أثرا من الخطر أو توصلنا لكشف يزيد من قناعتنا بأن هذه الأرض هى مهد الحضارة وفجر التاريخ.
وأضاف : لا أتحدث اليوم بوصفى فقط وزيرا للآثار بل كمواطن مصرى يعى تماما ما تمثله هذه اللحظة الفارقة فى تاريخنا من أهمية . ففى اللحظات الفارقة يتحول الحجر إلى رمز والتاريخ الى حصن يساهم فى الدفاع عن الحاضر ويصبح ممرا الى المستقبل ، ويواجه من يحاولون استخدامه كعنوان للإرهاب .
وقال الوزير : شخصيا أشعر بالسعادة بافتتاح مشروع ترميم الكنيسة المعلقة ، لأن الحدث يتم فى منطقة فريدة على مستوى العالم وهى مجمع الأديان . ففى وقت يعانى فيه العالم من الاستخدامات المتطرفة للدين تفتخر مصر بأنها تحتضن الأديان الثلاثة فى مكان واحد تختلط فيه أجراس الكنائس بتكبيرات الأذان ، فى تناغم يقدم صورة حية لشعائر ما تزال تقام ويختلط أبناء الوطن فى طريقهم إلى المسجد والكنيسة دون أن يمكن لأى إنسان عابر أن يكتشف فرقا بينهم.
أهم وأعرق الكنائس
وقدم الأنبا يوليوس الأسقف العام لكنائس مصر القديمة الشكر لوزارة الآثار على جهودها فى ترميم واحدة من أهم وأعرق الكنائس ليس في مصر فقط بل والعالم أجمع، وأضاف أن تاريخ بناء الكنيسة يرجع إلي بداية القرن الخامس الميلادى ونظرا لطبيعة بنائها الخاصة لم يستطع من شيدوها إقامة سقف خرسانى ، فاستعانوا بسقف خشبى يشير إلى فلك نوح لتكون الكنيسة هى فلك نجاة من بحر العالم .
اعمال تطوير الكنيسة المعلقة
وقد تم الانتهاء من اعمال تطوير الكنيسة المعلقة بمنطقة مصر القديمة والتى تعرضت لاضرار كثيرة بسبب زلزال 1992 ، كما تاثرت حالتها الانشائية باضرار كبيرة من جراء ارتفاع منسوب المياه الجوفية ، ويشمل مشروع الترميم والتطوير تخفيض وتثبيت منسوب المياه الجوفية بالحصن الرومانى اسفل الكنيسة المعلقة والمتحف القبطى ، وتدعيم الاساسات والاسقف بالكامل ، واستبدال الارضيات التالفة للكنيسة وتغيير شبكة الكهرباء وترميم برج جرس الكنيسة بالكامل ، وتزويد الكنيسة باجهزة تكييف ، وتامينها من مخاطر الحريق عن طريق عمل حنفيات اطفا وجهزة انذار مبكر للحريق ، كما تم اعمل الترميم الدقيق للكنيسة والتى تشمل ترميم الاعمال الخشبية ، وترميم الايقونات ، وتنظيف الرخام وتركيب الاجزاء الناقصة منه ، واعادة الرسومات الجدارية القديمة الى حالتها الاولى .
الرومان والمسيحية
وشيدت الكنيسة المعلقة على اسم السيدة العذراء مريم وعرفت بالمعلقة لانها بنيت على برجين من الابراج القديمة لحصن بابليون الاثرى ، لهذا تعد اعلى مبنى بالمنطقة ويرجع تاريخ انشائها الى القرن الخامس الميلادى وذلك يتضح من القطع الخشبية النادرة التى تمثل دخول السيد المسيح الى اورشليم ، كما ان الكنيسة المعلقة كانت فى الاصل معبد فرعونى ثم انشاء الامبراطور الرومانى " تراجان " الحصن سنة 80 ميلاية على اجزاء من المعبد الفرعونى وتم استخدامه فى العبادة الوثنية ، وعندما انتشرت المسيحية وتحول الرومان للمسيحية تحول المعبد الوثنى الى الى اقدم كنيسة فى مصر وهى بهذا تعد رمز لانتصار المسيحية على طغيان الرومان ، وقد اشتهرت الكنيسة بسبب نقل الكرسى البابوى من الاسكندرية اليها فى القرن الحادى عشر الميلادى على يد البطريرك " خرستو دلوس " واستمر الكرسى بها حوالى قرنين من الزمان ، وقد دفن بها العديد من البطاركة فى القرن 11 ، والقرن 12 ولاتزال توجد صورهم بالكنيسة .
ايقونات اثرية ومقتنيات ثمينة
وانشأت الكنيسة المعلقة على الطراز البازليكي وتقع واجهاتها الرئيسية فى الضلع الغربى ، وتنقسم مساحة الكنيسة الداخلية الى اربعة اروقة يغطى الاروقة الثلاثة الرئيسية للكنيسة اقببة نصف دائرية من الخشب وتنتهى بثلاثة هياكل مستطيلة يفصلها عن الاروقة احجبة خشبية مصنوعة من الابنوس المطعم بالعاج الشفاف والمشكل على هيئة صلبان وتعلو هذه الاحجبة ايقونات عديدة وبداخل الهيكل يوجد المذبح الذى يعلوه مظلة خشبية مرتكزة على اربعة اعمدة ومن خلفه منصه لجلوس رجال الكهنوت ، وتتميز الكنيسة بمجموعة ثمينة من مقتناياتها بينها اوانى و120 ايقونة اثرية موزعة على جدرانها