القاهرة 02 اكتوبر 2014 الساعة 12:51 م
كتبت : ميرفت عياد
كثرت الأقاويل والتصريحات عن هرم زوسرالمثبت على رأس قائمة اليونسكو كأهم المواقع الأثرية على المستوى العالمى ، ومع احتدام الجدل الدائر حول أول بناء حجري بني في التاريخ بهذه الضخامة علي أيدي "إيم حتب" أول مهندس معمارى عرفته البشرية ، قررت نقابة المهندسين تشكيل لجنة هندسية برئاسة المهندس ماجد سامي، رئيس شعبة العمارة، لدراسة حالة هرم زوسر بسقارة، بعد ما تردد من أقوال عن تدهور حالة الهرم ، ، وذلك نظرا لان نقابة المهندسين تعد الجهة الاستشارية للدولة، المنوطة بذلك العمل كما سيتم الاستعانة بخبراء ترميم من خارج وزارة الآثار، إلى جانب عدد من المهندسين المتخصصين.
وعن هذه اللجنة يقول المهندس طارق النبراوي، نقيب المهندسين، إن تشكيل اللجنة الهندسية لدراسة حال هرم زوسر هو لتفعيل دور نقابة المهندسين باعتبارها الجهة الاستشارية للدولة، وذلك بعد الجدل الذي حدث حول تدهور حالة الهرم من عدمه.
وأشار إلى أن اللجنة جار إتمام تشكيلها بالإضافة إلى لجنة معاونة برئاسة نقيب الجيزة لزيارة الهرم وإعداد تقرير مفصل عن حالة الهرم وعرضه على نقابة المهندسين لتقديمه إلى الرأي العام للوقوف على حقيقة ما يحدث بهرم سقارة.
وفى هذا الاطار أكد الدكتور محمد سامح عمرو سفير مصر باليونسكو ورئيس المجلس التنفيذي للمنظمة أن ما رددته مؤخرا بعض وسائل الإعلام بأن اليونسكو قد شطبت مواقع أثرية مصرية (ومنها هرم سقارة “زوسر”) من على قائمة التراث العالمي, هو خبر لا سند له من الحقيقة وعار تماما من الصحة شكلا وموضوعا.
ويوافقه الرأى السفير محمد عمرو مؤكدا على إن إدارة منظمة اليونسكو لا تملك إدراج أي موقع أو حذفه من قائمة التراث العالمي, وإنما تختص بذلك لجنة التراث العالمي التي كان آخر اجتماع لها خلال شهر يونيو الماضي بالدوحة والتي لم تتناول أو تبحث بأي شكل من الأشكال أي موقع من المواقع الأثرية المصرية المدرجة على قائمة التراث العالمي.
وأضاف أن مسألة حذف أي موقع من على قائمة التراث العالمي لا يتم بين ليل وضحاها وإنما هناك إجراءات يجب إتباعها, كما أن لجنة التراث العالمي لا تقوم بحذف موقع من المواقع المدرجة على القائمة بشكل نهائي كخطوة أولى وإنما تقوم بنقل الموقع إلى قائمة التراث المهدد بالخطر وتتابع موقف الدولة المعنية لفترة زمنية قد تمتد لعدة سنوات حسب حالة الموقع, ولها بعد ذلك أن تعيده لقائمة التراث العالمي أو تحذفه من القائمة بعد أن تتأكد من عجز الدولة المعنية لإعادة الحال إلى أصله.
وأوضح السفير محمد عمرو أنه في خصوص ما يثار حاليا بشأن هرم سقارة “زوسر” فالحقيقة أن الإجراء الوحيد الذي اتخذه مركز التراث العالمي خلال الأسبوع الأخير – في أعقاب ما نشرته بعض وسائل الإعلام بشأن حالة ترميم هذا الهرم – أن طلب بعض المعلومات والبيانات الفنية من وزارة الآثار عن حالة الترميم وذلك بغرض تقييم الموقف.
وأضاف أنه جارى حاليا إعداد الرد بشكل رسمي من جانب وزارة الآثار, وهناك تنسيق مستمر ومتابعة بين كل من الوفد المصري باليونسكو ووزارة الآثار في هذا الشأن .
خطأ تشخيص هرم زوسر
هذا فى الوقت الذى أكد الدكتور عبد الفتاح البنا، أستاذ علاج وصيانة وحماية المواقع الاثرية بكلية الاثار جامعة القاهرة على ان تشخيص مشكلة هرم زوسر كان خطأ منذ البداية ومن هنا فان وضع الهرم قبل مشروع الترميم كان أكثر ثباتا واستقرارا ، وعاش الهرم حوالى 4700 سنة وظل قائما بالرغم من عوامل الزمن والتعرية التى نالت منه ، ولكن المشكلة تكمن فى ان التراكيب الصخرية والطبقات الرسوبية التى توجد أسفل قاعدة الهرم والمحفورة بها منذ أيام أجدادنا الفراعنة بها انفاق وحجرات ، وهذا معناه ان هذه الكتلة لم تعد مصمته وأصبح بها فراغات ، وهذه الفراغات تحمل أحمال وأوزان الصخور التى تكون الهرم ، وهنا تكمن الخطورة نظرا لان هذه التراكيب بها طبقة طبيعية تسمى " الطفلة " وهى مادة يزيد حجمها عند وصول المياه اليها ونظرا لانها محبوسة فى حيز محدد فانفجرت نتيجة الضغط .
معربا عن اسفه من ان هناك من ينكر الاسترخاء فى الصخور الرسوبية مع انه علم معروف وموجود فى العالم ، ومن ينكرون هذا يقولون ان قاعدة الهرم حدث بها تفلطح وتقلص غير من الشكل المستطيل لها ( 130× 110 ) ، ونتيجة لحركة الأرض أصبحت الزوايا التى تغلق الضلعين المتقابلين غير قائمة ومن هنا حدث تغير فى المعالم الهندسية للهرم ، والحقيقة ان لو حدث هذا التغير فى ابعاد الهرم ولو لسنتيمتر واحد لكان هرم زوسر قد انهار، متسائلا لو حدث تقلص وتفلطح فى المدمات الأساسية للهرم اما كان يجب فك الهرم من المصطبة السادسة حتى المصطبة الاولى حتى نعيد انشائه ونعيد ابعاده الهندسية الى وضعها الصحيح ؟ وما هو الأساس الذى تم وضع عليه أحجار تكسية للهرم ؟ أليس القاعدة الاساسية مازالت مفلطحة ومتقلصة ؟ وهل ستؤدى التكسية الى تعديل الشكل الهندسى الخطأ ؟
الدراسات العلمية والهندسية والإنشائية
ومن جانبه أوضح كمال وحيد مدير عام منطقة اثار الجيزة ان هناك دراسات أجريت على الهرم منذ عام 2003 وحتى عام 2006 ، وهذه الدراسات العلمية والهندسية والإنشائية التي تمت علي مدار الثلاثة أعوام ركزت علي تحديد الأسلوب اللازم لتنفيذ مشروع الترميم وتدعيم هرم زوسر المدرج واشتملت هذه الدراسات علي تجميع وتقييم جميع الدراسات التي نشرت أو سجلت علي الهرم المدرج والمقبرة الجنوبية في الفترات السابقة,بالإضافة إلي التوثيق الفوتوغرافي للوضع الراهن مع الرفع المساحي والمعماري الكاملين للهرم والمقبرة مع التحليل العلمي لمواد البناء والوصف الجيولوجي الهندسي للطبقات الصخرية الحاوية للممرات السفلية وإجراء التحليل الإنشائي للفراغات الحجرية ، وقد تمت الموافقه علي ما جاء بهذه الدراسة من قبل وزارة الاثار وطرح المشروع فى مناقصة عامة وحصلت عليها شركة الشوربجى المصنفة فى اتحاد المقاولين العرب المصرى فى الفئة ألف ، وهى لا تعمل الا تحت اشراف لجنة مكونة من مهندسين ومرميمين وأثريين من وزارة الاثار.
مشير الى ان أعمال الترميم والتدعيم لهرم زوسر المدرج تسير وفق الطرق العلمية الحديثة والأسلوب السليم وان الهرم سليم تمامًا ، موضحاً أن مشروع الترميم والتدعيم يسير وفقا للخطة الموضوعة لحماية الهرم حيث تم الانتهاء من أعمال التنظيف الأثري لمصاطب الهرم الست من الرمال والشوائب المتراكمة لتخفيف الأحمال عن جسم الهرم وإعادة تركيب الأحجار القديمة من الخارج التي تساقطت بفعل الزمن عن موضعها الأصلي واستبدال المتهالك منها بأحجار أخري من نفس مادة بناء الهرم بعد عمل جميع الاختبارات اللازمة لمعرفة مدي ملائمة الأحجار لأحجام الهرم حتي لا تنفصل عن بقية الأحجار,و تم ملء الفجوات والفراغات بأسطح المصاطب مع إعادة تثبيت الكتل الحجرية المخلخلة لإنقاذ الانهيارات المتكررة لها.
مؤكدا على ان أعمال الترميم تتم داخل الهرم والممرات الموجودة بالمستويات المختلفة و الغرفة الجنائزية التى تحتوى على التابوت والبئر الجنائزي والذي يوجد بعمق 36 متراً تحت سطح الأرض ، وقد تم ترميم التابوت بعد إزالة الرديم الذي كان يغطيه وأعمال التدعيم الخاصة بالسقف المكون من كتل حجرية متوسطة الحجم ومعالجة الفواصل وتثبيت الأحجار فى أماكنها
موضحا ان المشكلة الوحيدة التى كان يعانى منها هرم زوسر هى نقص التمويل فى وزارة الآثار، والذى أثر على كافة مشروعات الترميم، ولكن تم توفير المبالغ المالية المستحقة لشركة المقاولات على صورة دفعات وستجهز الشركة معداتها لاستئناف العمل
أول مشروع ترميم لإنقاذ زوسر
بدأ مشروع علاج وترميم وتدعيم هرم زوسر المدرج بسقارة عام 2007 بعد الانتهاء من إعداد الدراسات العلمية والهندسية والإنشائية، التي استمرت ثلاثة أعوام ، وهو يعد أول مشروع ترميم متكامل لإنقاذ هرم زوسر المدرج «2687 -2668 ق.م» والمقبرة الجنوبية بعد انهيار أجزاء منهما وتدهور النقوش الموجودة في غرفة الدفن بالهرم ، ويهدف هذا المشروع إلي علاج مظاهر التدهور التي يعاني منها جسم الهرم والمقبرة الجنوبية مما أدي إلي سقوط العديد من الأحجار المكونة لمصاطب الهرم الست, والشروخ بالأسقف الموجودة أسفل الهرم وانهيار أجزاء من أنفاق الملكات الموجودة أسفل بئر الدفن الخاصة بالهرم إضافة إلي تدهور النقوش الموجودة في غرفة الدفن والمقبرة الجنوبية ، حيث أن هذا المشروع يتم تنفيذه علي ثلاث مراحل متلاحقة تبدأ بأعمال التنظيف الأثري لمصاطب الهرم الست من الرمال والشوائب المتراكمة لتخفيف الأحمال عن جسم الهرم وإعادة تركيب الأحجار القديمة من الخارج التي تساقطت بفعل الزمن عن موضعها الأصلي واستبدال المتهالك منها بأحجار أخري من نفس مادة بناء الهرم بعد عمل جميع الاختبارات اللازمة لمعرفة مدي ملاءمة الأحجار لأحجار الهرم حتي لا تنفصل عن بقية الأحجار, كما سيتم فرز وتشوين وترميم الكتل الحجرية المتساقطة من واجهات الهرم وعمل الاختبارات اللازمة لها وتحديد الصالح منها وترميمه ثم إعادة استعماله لملء الفجوات والفراغات بأسطح المصاطب مع إعادة تثبيت الكتل الحجرية المخلخلة لإنقاذ الانهيارات المتكررة لها.
إحدي جبانات منف القديمة
وتعد منطقة سقارة من أهم المناطق الأثرية في مصر وتعد إحدي جبانات منف القديمة وتحوي آثارا ترجع إلي عصر الدولة القديمة متمثلة في العديد من الأهرامات والمقابر حيث تقع بها المجموعة الهرمية للملك زوسر والتي تمثل عظمة الأعمال التي قام بها هذا الملك ومهندسه إيمحتب ويعتبر هذا الهرم أول بناء حجري بني في التاريخ بهذه الضخامة علي أيدي المصريين القدماء, وقد اكتشف عالم الآثار مينو تولي بداخله العديد من الممرات والأنفاق تحت الأرض, بالإضافة إلي أنه عثر علي حجرة الدفن والتي تحتوي علي نقوش عليها اسم الملك زوسر.
وبني هذا الهرم من الحجر الجيري الهش الذي استخرج من المنطقة المحيطة بسقارة وقاعدة الهرم طولها 130 متراً، وعرضها 110 متراً ، و يحتوى من الداخل على عدة ممرات، وكثير من الدهاليز وغرف متعددة كسيت بعض حوائطها بالخزف الأزرق والأخضر، يوجد به دهليز آخر مُزَيَّن بمثل تلك اللوحات، وبه ثلاثة أبواب وهمية تحتوى نقوشاً للملك زوسر ، يبدأ المدخل الرئيسي لسور مجموعة الملك زوسر المعمارية بباب مصنوع من الحجر ، ويفضى الباب إلى البهو الكبير، وهو بهو طويل يحتوى على الأعمدة الكبيرة ، يوجد باب صغير يقود إلى ممر طويل رائع يحمل سقفه أربعون عموداً من الحجر تمثل حزماً مربوطة من أعواد الغاب ، وفى الناحية الشمالية الشرقية، توجد مصطبتان لأميرتين من بنات الملك زوسر وكان لكل منهما بهو بأعمدة من أمامه
أشهر ملوك الأسرة الثالثة
ويعد الفرعون زوسر من أشهر ملوك الأسرة الثالثة وهو الفرعون الثاني في سلسلة فراعنة الأسرة الثالثة التي حكمت مصر فى عصر الدولة القديمة ،وترجع شهرتهإلى النهضة العامة التي شملت البلاد في حكمه الذي تراوح ما بين 19 -29 سنة حيث قام باستخراج النحاس و التركواز من سيناء وأستعمل هذه الثروة الكبيرة في القيام بأعمال إنشائية ضخمة.تميز حكمه بإنشاء التقويم المصري، بواسطة كهنة رع في هليوبوليس .
ويعنى اسم الملك زوسر المقدس وكان يعيش في عهده المهندس إيمحتب الذي يعني اسمه الآتي في سلام واستطاع هذا المهندس لأول مرة في التاريخ أن يحول العمارة الدينية من الطوب اللبن إلي الحجارة حيث بني للملك زوسر مجموعته الجنائزية في منطقة سقارة جنوب الجيزة وأهمها المصطبة المدرجة وليس الهرم المدرج كما هو شائع لأنه لم يكن يقصد إيمحتب, أن يبني مصاطب فوق بعضها ولكن مصطبة واحدة ثم أضيفت بعدها عدد ست مصاطب حتي وصل ارتفاعها إلي ما يقرب من 60 مترا ، ويوجد بداخل هذه المصاطب العديد من السراديب والحجرات الموضوع بها أوان من الألباستر التي صنعت بمنتهي الدقة وكان بعضها متاعا جنائزي لصاحب المقبرة.
وقد عثرعلى هذا التمثال في حجرة ضيقة، والتي تعرف باسم السرداب، وتقع شمال شرق المجموعة الجنزية للملك زوسر بسقارة، هو أقدم ما عرف من التماثيل بالحجم الطبيعي في مصر، وهو يمثل الملك زوسر جالسا على العرش، وقد غطى جسده رداء احتفالي ، كان التمثال بأسره مكسوا بطبقة من ملاط أبيض، ثم لون،أما العينان الغائرتان فكانتا يوما ما مرصعتين،ويتخذ الملك شعرا مستعارا أسود، يعلوه لباس الرأس الملكي، المعروف باسم النمس، فضلا عن اللحية المستعارة الشعائرية ، وقد نقش السطح الأمامي من القاعدة، بنص هيروغليفي دقيق، ينطق عن أسماء وألقاب ملك مصر العليا والسفلى، وهو نثري خت،الأبعاد العرض 45.3 سم الطول 95.5 سم الارتفاع 144 سم