القاهرة 23 سبتمبر 2014 الساعة 12:12 م
نشر الزميل أحمد الشوكى حواراً رائعاً مع سهير حواس فى جريدة «الوفد» يوم الخميس الماضى. وقد تم تقديم المفكرة والعالمة الكبيرة بأنها أستاذ دكتور العمارة فى جامعة القاهرة ومستشار جهاز التنسيق الحضارى بوزارة الثقافة، ولكن الأهم أنها صاحبة كتاب «القاهرة الخديوية» عن القاهرة الجديدة التى تأسست فى عصر إسماعيل.
ومن بين ما قالته سهير حواس فى ذلك الحوار عن كتابها الفذ الذى لا مثيل له، والذى فاز بجائزة كبرى، ولكن فى فرنسا، النص التالى: «هذا الكتاب كلفنى كل ما معى من مال لإصداره، وظللت أسدد أقساط تكلفة إصداره طيلة ثلاث سنوات بعد صدوره، واعتكفت سنوات لإعداده وتجهيزه للنشر».
هذا التصريح يعنى أن مفهوم الدولة لإنشاء وزارة باسم «الثقافة» غير صحيح، ولابد من تغييره ليبرر استمرار وجودها، فالوزارة ومؤسساتها لإنتاج الكتب والمسرح والسينما والموسيقى والفنون التشكيلية، لم تنشأ لمنافسة المؤسسات الخاصة «القطاع الخاص» التى تمارس الإنتاج فى هذه المجالات، وإنما لإنتاج ما لا يستطيع القطاع الخاص إنتاجه بحكم ارتباطه بالسوق، وهو ارتباط طبيعى، أى أن تنتج ما يعتبر «خدمة عامة» بحكم أن تمويل إنتاجها من «الأموال العامة».
ومن المعروف فى كل الدنيا أن جمهور قراء الكتب ومستمعى الموسيقى ومشاهدى اللوحات والتماثيل والأفلام والمسرحيات ينقسم إلى غالبية تفضل الأعمال السائدة أى المعتادة، وأقلية تفضل الأعمال التى تختلف عن السائد بدرجة أو أخرى، أو ما يسمى «الخفيف» و«الثقيل»، ومن المعروف أيضاً أن ما يصنع تاريخ الفنون ويبقى على مر الزمن أغلبه من الذى يعتبر وقت إنتاجه من الأعمال «الثقيلة» ذات الجمهور المحدود.
وهذا لا يعنى على الإطلاق التقليل أو التهوين من الأعمال الأدبية أو الفنية السائدة، ولكن وزارات الثقافة والدول عموماً، عندما تنتج أو تدعم الآداب والفنون، وأياً كان المسمى الإدارى، وزارة أو شكلا آخر، تستهدف وجود إنتاج آخر غير السائد، فالمشكلة ليست فى وجود السائد، وإنما ألا يوجد سواه، وقد توصل العالم المعاصر إلى أن الدعم المشروط أفضل من الإنتاج، وإذا لم تنتج وزارة الثقافة أو تدعم إنتاج كتاب مثل كتاب سهير حواس تفقد تماماً مبررات وجودها.
samirmfarid@hotmail.com