القاهرة 08 سبتمبر 2014 الساعة 01:58 م
هو أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب فهو ابن عم رسول الله صلي الله عليهوسلم بل وأخوه في الرضاعة فقد أرضعتهما حليمة السعدية حينا من الدهر. وكان قاطعا لوشائج الرحم فقد حارب الإسلام عامة وأخاهبصفة خاصة عشرين سنة يحارب بنفسه ويحرض المشركين علي ذلك . وقد سبقه إلي الأسلام أشقاؤه الثلاثة نوفل,ربيعة,عبدالله وقصة أبي سفيان غريبة بل عجيبة إذ خرج علي عرف الإسلام والحمية الفطرية فمن الناس من تعصب له لا لدين ولكن للحميةالعربية وصلة النسب كعمه أبي طالب . وهي قصة إنسان أعيته حيل الباطل ودواعيه فوسعتهالطريق الأمنة الرحبة طريق الحق والتوحيد طريق الايمان والنور (ومن لم يجعلالله له نورا فماله من نور) وفي يوم من أايامه أراد الحق به خيرا فأزال عن قلبه حجاب الباطل وحجب الهوي فانشرحصدر ابنه جعفر إلي الإسلام نادي ابنه وقال لأهله أنا مسافران وإلي أين ...؟ إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم لنسلم معه لربالعالمين وسارا يقطعان معا الفيافي والقفار إلي الواحة الآمنةواحة الايمان ولو أن وحشة السفر والغربة قد احتوتهما فما تا ميتة عادية أو غيلةفقد وقع أجرهما علي رب العالمين . وعند الأبواء أبصرا مقدمة جيش كثيف فعرف أن الرسولقاصد مكة لفتحها وكان التفكير حول سؤال يدور بخاطره ماذا يصنع؟ إنالرسول صلي الله عليه وسلم قد أهدر دمه من قبل بما كسبت يداه ولو رآه أحد من الجيشلبادر بقتله بلا تردد فالكل يعلم بأنه مهدر الدم وقد هداه الهادي إلي حيلة يصل بها إلي النبي عليه أفضلالصلاة والسلام قبل أن يراق دمه ليكون له في الإسلام شأن يذكر . تنكر وأخذ بيد ابنه حتي ألقي بنفسه أمام الرسول صلواتالله وسلامه عليه مز يلا القناع فأعرض الرسول عنه فأتاه أبو سفيان من الجهة الأخريفأعرض عنه ولم يجد أبو سفيان بدا من أن يصيح نشهد أن لا إله إلا الله ونشهد أنمحمد رسول الله فاقترب من النبي صلوات الله وسلامه عليه قائلا لاتثريب رسول الله وأجابه الرسول لاتثريب يا أبا سفيان ولقد رأي أبو سفيان من دلائل صدق الرسول صلي اللهعليه وسلم قبل ذلك بكثير إلا أن الايمان وغيره عند الله بمقدار معلوم لا تقديم ولاتأخير ففي غزوة بدر وكان في صفوف المشركين يري شيئا عجيبايقصه علي بعض القرشيين بعد عودته إلي مكة في أعقاب الغزوة يسأله أبو لهب حينما أبصره عائدا من بدر هلم إلي ياابن أخي فعندك لعمري الخبر حدثنا كيف كان أمر الناس فرد أبو سفيان قائلا والله ما هو إلا أنلقينا القوم حتي منحناهم اكتافنا يقتلوننا كيف شاءوا ويأسروننا كيف شاءوا وأيمالله ما لمت قريشا فلقد رأينا رجالا بيضا علي خيل بلق بين السماء والأرض ما يشبههاشىء ولا يقف أمامها شىء . وإذا خطر ببالنا سؤال لم لم يسلم أبو سفيان يومئذ ؟ كان الجواب وكل شىء عنده بمقدار وقد أتي اليوم الذي يسلم فيه أبو سفيان طائعا مختاراويقبل الله تعالي عابدا قانتا مجاهدا في سبيل الحق والدين ولم يتخلف أبو سفيان عن النبي صلي الله عليه وسلم فيغزوة بعد الفتح الأعظم فقد أراد أن يمسح بإسلامه وجهاده ما ألحقه أيام كفرهبالمسلمين من هموم ثقال وذلك أن الجميع يعلم أن الإسلام يجب ما قبله وكذا التوبالنصوح تجب ما قبلها من الذنوب يقول الحق عز وجل وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحاثم اهتدي (إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل اللهسيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما) ومن مواقفه الفذة أن ثبت يوم حنين وقد فر الكثيرون أخذبمقود فرس النبي صلي الله عليه وسلم بيسراه وضارب بسيفه بيمناه والرسول صلي اللهعليه وسلم يقول أنا النبي لا يكذب أنا بن عبد المطلب ولما عادت الفلول الفارة إلي صوابها والتفوا حولنبيهم حمل لواء الجهاد من جديد أبصر الرسول صلي الله عليه وسلم أبا سفيان علي حالتهتلك من بداية المعركة حتي أوشكت أن تنقضي فقال من هذا؟ أخي ابوسفيان بي الحارث ما إن سمع ابو سفيان هذه العبارة حتي اشتد فرحهوسروره بهذه المنزلة التي حباه الرسول بها فأقبل علي قدمي الرسول صلي الله عليهوسلم يقبلهما وقد بللتهما دموعه وبعد وفاة النبي صلي الله عليه وسلم تعلقت روح أبيسفيان بالموت ليلحق بالصحب الأخيار فرآه الناس وهو يحفر لحدا في البقيع ولما أبدوادهشتهم قال لهم إني أعد قبري وبعد ثلاثة أيام استسلم لسكرات الموت ولما وجد أهلهيبكون قال لهم معزيا مغتبطا لا تبكوا علي فإني لم أتلوث بخطيئة منذ أسلمت ثم أسلم الروح إلي خالقها ليرفعها إلي درجات التائبينالمؤمنين الصادقين
|