القاهرة 25 اغسطس 2014 الساعة 01:00 م
الشيطى: هل يمكن أن يحمل الأدب بشخصيات معارضة تحمل الايدولوجيا الاسلاميه ضد حكم يزعم انه اسلامى؟
قطب: الأعمال الأدبية اهتمت بانتقاد الأنظمة وما تتميز به من اى خلل
فاتن حسين: من الممكن أن تجسد الرواية الشخصية السلفية أقوى وابرز الشخصيات المعارضة لحكم الإخوان
كتبت عواطف الوصيف
اهتم الأدب طيلة الفترات السابقة بتجسيد كل ما يجرى من أحداث مختلفة ومتتالية في المجتمع المصري ليكون هو المرأة التي تعكس الصورة الحقيقية على ارض الواقع.
وتعتبر الشخصية المعارضة التي تقف حائلا في وجه النظام الحاكم لتواجهه بسلبياته وتحاول جاهدة منعه من الاستمرار في إتباع اى سياسات ظالمة, من أهم العناصر التي اهتم الأدب وفن القصة والرواية بتجسيدها وتوضيح ملامحها ومبادئها.
ولا شك من أن الشخصية المعارضة تعددت صورها وصفاتها فهناك من تتسم بالصفات الليبرالية أو الصفات اليسارية أو غيرها ولكن أكثر من سلط عليه الضوء هو شخصية رجل الدين أو من ينتمي لتيار أو حزب ديني,ألان وبعد مرور شهور كثيرة على 25 يناير كيف ستجسد الرواية الشخصية المعارضة خاصة بعد وقوف بعضا من أنصار التيارات الإسلامية في وجه نظام كان يمثله جماعة الإخوان المسلمين.
من ناحيته يرى القاص والكاتب محمد قطب انه لابد أولا أن نتأكد من أن فن الأدب أو الإبداع هو مرآة المجتمع ودور الأدباء هو كشف الخلل الموجود في المجتمع عن طريق كتاباتهم وأعمالهم الأدبية.
ولا يخلو اى صورة من الصور الفنية الأدبية مما اسماه بالسياق سواء كان فن الرواية أو المسرح أو القصة أو غيره من الأعمال الأدبية.
الادب وانتقاد الانظمة
ويشير قطب إلى أن الأعمال الأدبية اهتمت بانتقاد الأنظمة وما تتميز به من اى خلل مؤكدا رأيه ببعض من الأمثلة التوضيحية
فنجد مسرحية "السلاطين" التي عرضت خلال فترة الستينيات وانتقدت كل الصور السلبية التي كانت موجودة في البلاد.
مؤكدا أن الأدب عليه أن لا يحدد صورة المعارض في نمط واحد حيث أن المعارض لسلبيات اى نظام أيا كانت شاكلته لا تتجسد في صورة الرجل المنتمى لجماعة الإخوان أو رمز رجل الدين فحسب, هذا لان الشخصية المصرية السوية على حد وصفه تنتقد اى نقاط سلبية تحيط به سواء كانت شخصية دينية او مدنية.
فن الرواية قبل الثورة
ويضيف قطب أن جميع الروايات التي أنتجت قبل اندلاع الثورة اهتمت بعرض كافة الصور السلبية للنظام.
فعلى سبيل المثال اهتمت الروايات بعرض العوائق وما وصفه بالأبواب التي أغلقت في وجه الشباب وأصبحت حائلا أمامهم تمنعهم من تحقيق أحلامهم وأهدافهم.
ويلقى صاحب المجموعة القصصية "ألوان الطيف" الضوء على رواية "العائد من الحب" والتي أنتجت عام 2005 وأوضحت صورة الخلل في مجال الأعمال حيث جسدت شخصية رجل الأعمال الذي شارك في حربي الاستنزاف وحرب أكتوبر ثم سافر إلى الخارج وبعد ذلك قرر العودة إلى مصر ليفيد بلاده بم لديه من خبرات في مجال الأعمال.
ولكن وقف رجال الأعمال اللذين ينتمون للنظام ويستفيدون منه ضده ومنعوه من أن يخدم وطنه باى شكل من الأشكال حتى قرر العودة والسفر للخارج مرة أخرى.
ويستطرد الكاتب محمد قطب حديثه بأن الآن هناك العديد من السلبيات التي تحيط بنا والتي توجب على الجميع سواء كانوا اخوانيا أو ينتمي لاى حزب مدني أن يقف ضده ويعارضه.
حيث نلاحظ من يتمسحون في الدين ويستغلونه لصالحهم ولتحقيق مصالحهم الشخصية على حد قوله.
ويشير قطب الى من كان تاجرا للحشيش الذي يريد أن يصل للسلطة فيقوم باطلاق لحيته ويرتدى الجلباب ويرشح نفسه لمجلس الشعب.
وهذا بالطبع أمر مرفوض ولابد للجميع أن يقف ضده إن لم يكن لحماية الوطن فمن اجل حماية الدين من مثل هذه الرموز.
ويعاود قطب مؤكدا على ضرورة التوضيح من قبل الأدب والتركيز على جميع صور المعارضة لاى نقاط سلبية في المجتمع سواء كان رموزا دينية أو غيرها ولا يركز على صورة واحدة للشخصية المعارضة ,لان الأدب سيظل مرآة المجتمع ويدعو للأمل دائما دون النظر لاى عائد مادي أو غير ذلك.
المعارضة وتيارات الاسلام السياسى
ويستهل الروائي احمد زغلول الشيطى سائلا: هل الصراع بين بعض تيارات الإسلام السياسي في مصر، التي كانت رمزا للحكم وكان باقي أجنحتها في مواقع تتراوح مابين الدعم والتأييد والانتقاد للإخوان، و باستثناءات قليلة للغاية مجموعات ضمن تيارات الإسلام السياسي تتبنى المعارضة الجذرية ضد حكم الإخوان.
وهل يمكن لهذا الواقع أن يرفد الأدب بشخصيات معارضة تحمل الايدولوجيا الاسلاميه ضد حكم يزعم انه اسلامى
الفتنة بين عنصرى الامة
ويرى الشيطى أن الخطير أن حكم الإخوان أوصل البلاد إلى حالة انقسام بين الأقباط والمسلمين اضافة الى الانقسام بين المواطنين حيث تحولوا الى مؤمنين وكفره والجغرافيا إلى القاهرة ووجه بحري من ناحية ثم صعيد ونوبة من ناحية أخرى، وتقف شبه جزيرة سيناء مهددة وحدها، وهكذا باتجاه التفتيت الكامل., مشيرا إلى "هوبز باوم" الذي لاحظ في كتابه عصر التطرفات أن لدوله الوحيدة التي أنشأها مسلمون لأجل المسلمين وهى باكستان عجزت حتى الآن عن تحصيل هوية مشتركة, وبالتالي لا يتصور "احمد زغلول" معارضة حقيقية لحكم الإخوان إلا من خارج تيارات الإسلام السياسي وما لاحظناه من معارضة إسلاميه لحكم الإخوان ليس معارضة بقدر ما هو صراع على السلطة بين مجموعات تحمل الايدولوجيا ذاتها بفوارق بسيطة.
اختطاف جنود مصر بسيناء
ويلقى الشيطى الضوء إلى عملية اختطاف الجنود في سيناء بنظرة منفردة لم يلتفت إليها أحدا من قبل وهى انه سواء كانت عملية اختطاف الجنود في سيناء تمثيلية هزلية لحرف الأنظار عن فشل حكم الإخوان وتصاعد نجاحات حركة" تمرد" في جميع أنحاء مصر، أو عملية اختطاف حقيقية فان شرائط الفيديو للجنود المختطفين تبين أن الخاطفين وهم من تيار السلفية الجهادية كانوا يلقنون المخطوفين عبارات حاولت ان تعكس توقيرا لمحمد مرسى واهانة للجيش المصرى والذى يمثل احد المؤسسات المدنية التي أنشأها محمد على عند تأسيس مصر الحديثة وفقا للمعاير التي أسفرت عنها الثورة الفرنسية لمفهوم الدولة.
ويقول الشيطى أن السلفية الجهادية خاطفة الجنود والتي تقدم نفسها على إنها الأكثر راديكالية من الإخوان وإنها معارضة لنظام الحكم، بالرغم من ذلك ينوه رئيس الجمهورية بضرورة الحرص على حياة الخاطفين والمخطوفين، مما يجعل من الصعب تصور وجود معارضة إسلامية جذرية لحكم الإخوان.
تضيق الخناق بين التيار الوسطى والتيار الوهاب
ويرى الشيطى أن الفجوة راحت تضيق مؤخرا بين ما يسمى بالتيار الوسطى وبين التيارات ذات الأصل الوهابي يكشف ذلك بعض السجالات حول بعض القضايا الفقهية، ومن المفارقات على حد وصفه أن احد أشهر السياسيين و الذي خاض انتخابات الرئاسة يقدم نفسه على انه وسطى وقد كان احد مؤسسي الجماعة الإسلامية التي مارست الاغتيالات السياسية.
لاهوت التحرير
ويلقى زغلول الضوء إلى "لاهوت التحرير" الذي ظهر في أمريكا اللاتينية خلال فترة الستينيات كقوة معارضة ذات بعد طبقي حيث قام القساوسة بتضفير مبادئ الإنجيل مع مبادئ الماركسية وصولا للانحياز إلى الفقراء ولعب دور سياسي في واقع أمريكا اللاتينية عرض قادتها من القساوسة للسجن والاغتيال وهى الظاهرة المستحيلة في المنطقة العربية بسبب الأصل الوهابي والأنظمة النفطية التي تكافح بضراوة من اجل البقاء،
ولم يستبعد زغلول الشيطى اغتيال فرج فودة أو تهجير نصر حامد أبو زيد حيث كان الصحابي الجليل أبو ذر الغفاري يقول " عجبت لمن بات على الطوى ولم يخرج على الناس شاهرا سيفا.. قال الناس ولم يستثن منهم أصحاب المشروع الاسلامى" .
إذن لا يمكن معارضة حكم الإخوان إلا من أرضية مغايرة جذريا.. وهذا ما ستكشف عنه الأيام القادمة في الحياة والأدب على حد سواء.
معارضة الاخوان وكرسى الحكم
ومن ناحيتها أعربت الناقدة الأدبية الدكتور فاتن حسين أن الإخوان بصفة عامة كان لهم مواقف ضد السلطة وهذا لحلمهم بالوصول إلى السلطة على حد وصفها موضحة أن هذا الموقف لم يتغير سواء خلال فترة الرئيس جمال عبد الناصرأو أنور السادات أو خلال الثلاثون عاما السابقين.
وأشارت إلى أن فن الرواية أو القصة تناول الشخصية المعارضة على مختلف الأزمنة والعصور المختلفة التي مرت بها مصر ولم تقتصر على شخصية رجل الدين أو من ينتمي للإخوان المسلمين فقط بل تناولت أيضا شخصية رجل اليسار أو الاشتراكي أو التقدمي والشيوعي والماركسي اى أن الأدب اهتم بتجسيد مختلف الشخصيات ذو الفكر والرؤى المستنير الذي يرفض اى صورة سلبية من قبل النظام.
رجال الفكر تمثل المعارضة
وترى حسين أن أكثر الشخصيات التي وصفتها الرواية بأنها تمثل المعارضة والذي كان بالفعل انعكاسا للواقع المحيط بنا هم رجال الفكر والثقافة حيث انه بالفعل امتلأت بهم السجون والمعتقلات أما في عهد مبارك ترك لهم المجال كما انه أفرج عن ممثلي تيار اليسار وترك لهم منصات للمعارضة.
مرسى فى موقف حرج
وتشير فاتن إلى أن الرئيس محمد مرسى كان في موقف حرج حيث انه كان ينتمي لإحدى الجماعات الإسلامية ومن الصعب عليه إقامة الدولة الإسلامية وفقا لما يرغبه البعض من الأحزاب والتيارات الإسلامية.
الاختلاف بين الاخوان والسلفين
وتعتبر الناقدة فاتن حسين أن كان هناك اختلاف واضح وبارز بين كلا الإخوان والسلفيين حيث أن الإخوان كانوا يحلمون بالسلطة فحسب وهذا ما حصلوا عليه بالفعل في حين أن السلفيين واضحين وأعربوا عن رأيهم من البداية فهم يريدون إقامة الدولة الإسلامية في مصر لذلك من الممكن أن تجسد الرواية الشخصية السلفية من أقوى وابرز الشخصيات المعارضة لحكم الإخوان مع العلم أن السلفيين انتمائهم ليس لمصر اى انه ليس للوطن بل لبلدان أخرى كبكستان.
حزب الله
وأشادت من جانبها "بحزب الله" التي اعتبرته يختلف تماما عن السلفيين لأنهم حزب اسلامى ينتمي بقوة لدينه ولوطنه لبنان وعلى استعداد للاستشهاد فداء لتراب لبنان ولعل الحرب الأخيرة بين "حزب الله" وإسرائيل خير دليل على ذلك مما يجعلهم ذو شعبية كبيرة وضخمة ليس على مستوى الشعب اللبناني فحسب بل وعلى مستوى الشعوب العربية كافة.
وتؤكد حسين أن مبدأ المعارضة الايجابية من اجل النهوض بمستقبل البلاد لابد وان لا يقتصر على فئة بعينها بل لابد وان تتشارك وتتساند فيه معا كافة القوى الوطنية.