القاهرة 24 يوليو 2014 الساعة 02:20 م
من نعم الله على مصر و نعمه عليها كثيرة أن الكنيسة الأرثوذكسية و هى الكنيسة الأم فى مصر هى كنيسة وطنية بامتياز- ويحضرنى هنا عبارة قالها قداسة البابا شنودة وقد جعلتها عنوانا لمقال كامل منذ وقت طويل قال قداسته « إن مصر ليست وطنا نعيش فيه و إنما مصر وطن يعيش فينا
«ونفس السياق ويقترب من ذات المعنى ما قاله البابا تواضروس، حيث قال قداسته عندما كان إخوان الضلال يحاولون إرهاب مصر بكل صورة ومنها إحراق الكنائس قال قداسته « إذا أحرقوا الكنائس سنصلى فى المساجد و إذا أحرقوا الكنائس و المساجد فإننا سنصلى فى الخلاء مع عموم المصريين . وقد لا أكون متذكرا للعبارة بدقة و لكن المعنى هو هذا المعنى الجميل الذى يفهم من جملة كلام قداسته .
و أظن أنه عبارة قداسة البابا شنوده وعبارة قداسة البابا تواضروس أطال الله عمره وأنعم عليه بالصحة تدلان على شعور وطنى قوى . هذا الشعور من الكنيسة القبطية المصرية كنيسة الغالبية الكبرى من المسيحيين المصريين هو درع أمان لمصر . أذكر أنى كتبت مقالا قلت فيه « إن مصر لا يكسرها لا قدر الله إلا الفتنة الطائفية بين المسلمين و المسيحيين فيها « و قلت أيضا فى ذلك المقال إن على الأغلبية المسلمة واجب احتضان الأقلية المسيحية وإشعارها بالأمان والطمأنينة .
أعتقد أن الإسلام الوسطى المعتدل الذى يمثله الأزهر الشريف و على رأسه الرجل الفاضل العالم المتصوف المعتدل الأستاذ الدكتور أحمد الطيب هو أيضا مما يضفى على مصر كلها الشعور بالأمان والبعد عن الكوارث التى تحيط بنا من كل جانب .
إذا كان هذا هو حال الكنيسة المصرية الأم - كنيسة الغالبية من المسيحيين المصريين و التى يطلق عليها الكرازة المرقسية - نسبة إلى مرقس الرسول فإن حال الكنيسة الإنجيلية لا يختلف كثيرا عن حال الكنيسة الأم و يشاء حظى الطيب أن أكون قريبا أيضا من الكنيسة الإنجيليه، وأذكر أن واحدا من كبار قيادتها بعد أن أنتهى من دراسة اللاهوت إتجه لكلية الحقوق بجامعة القاهرة ليدرس القانون و كنت لحسن حظى واحدا من أساتذته . وهذا هو الذى يجعلنى أقول دائما عندما ينادينى أحد بلقب غير الأستاذية أقول أنا «خوجة» وعرف عنى ذلك لدى الجميع .
و نعود للكنيسة الإنجيلية التى أشكر لها حرصها على دعوتى فى كل المناسبات التى تحتفل بها وما أكثر هذه المناسبات، و قد حضرت واحدة من هذه المناسبات قبيل شهر رمضان بأيام قليلة وكان هناك حشد كبير من الحاضرين مسلمين ومسيحيين بغير تمييز. وللكنيسة الإنجيلية فى منطقة المنيا نشاط اجتماعى كبير فى شتى المجالات الصحية والتعليمية والثقافية . وأعلم أنها كانت تجمع فى مكان واحد مجموعة من الدعاة الإسلاميين و غيرهم من رجال الكنيسة فى ندوات للحوار والمناقشة.
ومنذ فترة قصيرة دعانى الصديق العزيز الدكتور إكرام لمعى أستاذ علم الأديان المقارن إلى إحدى حلقات مؤتمر الحوار الذى أشرت إليه ولكنى اعتذرت للأسف الشديد لأنى كنت خارج القاهرة فى ذلك التاريخ .
فى آخر مرة رأيت فيها الأب الدكتور يوحنا قلته أخذنا بعضنا بالأحضان.. والأب الدكتور يوحنا قلته حاصل على الدكتوراه فى الفلسفة الإسلامية من كلية الآداب قسم الفلسفة جامعة القاهرة . أقول كل ما قلته لكى أؤكد للعالم جميعا أن معنى المواطنة فى مصر هو معنى حقيقى عميق الجذور فى حين غاب هذا المعنى فى بعض البلاد فكان ذلك بداية الكارثة الحقيقية فى تلك البلاد . و ما الحال فى العراق منا ببعيد .
لن تكٌسر مصر أبدا بإذن الله . و كما قال أحد المفكرين الكبار قد تعتل مصر أحيانا ولكنها أبدا لن تموت . أو كما قال آخر إن مصر أكبر من أن تموت .