القاهرة 19 يوليو 2014 الساعة 05:30 م
لُقِّبت بالمهاجرة أرملة المهاجر، لأنهاأسلمت وهاجرت بدينها إلى الحبشة مع زوجها السكران بن عمرو بن عبد شمس، وتحملت مشاقالهجرة ومتاعب الغربة، وتوفى زوجها بعد أن عاد معها من الحبشة وقبل الهجرة إلى المدينة،وأمست سودة وحيدة لا عائل لها ولامعين، فأبوها مازال على كفره وضلاله، ولم يزل أخوهاعبد اللَّه ابن زمعة على دين آبائه، فخشيت أن يفتناها في دينها
فلما سمع الرسول ما أصاب السيدة سودة بنت زمعة وصبرها والتجاءها إلى الله؛ خشى عليها بطش أهلها،وهم أعداء الإسلام والمسلمين، فأراد أن يرحمهاوينجدها من عذابها، ويعينها على حزنها، ويجزيها على إسلامها وإيمانها خيرًا، فأرسلإليها خولة بنت حكيم -رضى اللَّه عنها- تخطبها له، وكانت السيدة خديجة -رضى الله عنها-قد ماتت، وهو بغير زوجة، وكانت سودة قد بلغت من العمر حينئذٍ الخامسة والخمسين، بينماكان رسول الله في الخمسين من عمره
وحين دخلت خولة عليها قالت: ما أدخل اللهعليكم من الخير والبركة قالت: سودة: وماذاك؟فقالت خولة: إن رسول الله أرسلنى إليك لأخطبكإليه. قالت: وددت ذلك. فقالت خولة: دخلت على أبيها وكان شيخًا كبيرًا مازال على جاهليتهوحيَّـيْـتُه بتحية أهل الجاهلية، فقلت: أنعِم صباحًا. فقال: من أنت؟ قلت: خولة بنتحكيم. فرحَّب بي، وقال ما شاء الله أن يقول. فقلت: محمد بن عبد الله بن عبد المطلبيذكر سودة ابنة زمعة فقال: هو كفء كريم، فما تقول صاحبتك؟ قلت: تُحِبُّ ذلك قال: ادعوهاإلي ولما جاءت قال: أى سودةُ، زعمت هذه أن محمد بن عبد الله ابن عبد المطلب أرسل يخطبكوهو كفء كريم، أفتحبين أن أزوجكه؟ قالت: نعم. قال: فادعوه لي فدعته خولة، فجاء فزوَّجه
ودخلت السيدة سودة بنت زمعة -رضى الله عنها-بيت النبوة، وأصبحت واحدة من أمهات المؤمنين، وكانت الزوجة الثانية لرسول الله ، وكانذلك قبل الهجرة بثلاث سنوات
وكانت السيدة سودة مثالا نادرًا في التفانىفي خدمة النبي وابنتيه أم كلثوم وفاطمة، فكانتتقوم على رعايتهما بكل إخلاص ووفاء، ثم هاجرت مع الرسول إلى المدينة
وكانت السيدة سودة ذات فطرة طيبة ومرح،وكانت ممتلئة الجسم، فكان رسول اللَّه كلمارآها تمشى ضحك لمشيتها، فكانت تكثر المشى أمامه كى تضحكه، وتُدخل السرور عليه، وكانتتنتقى من الكلمات ماتظن أنه يضحكه
وكانت السيدة سودة -رضى اللَّه عنها- تحبرسول اللَّه حبَّا شديدًا، وكانت تسعى إلىمرضاته دائمًا، فلما كبرت في السن، ولم تعد بها إلى الأزواج حاجَةً، وأحست بعجزها عنالوفاء بحقوق النبي ، أرادت أن تصنع من أجله شيئًا يعجبه ويرضيه ويرفع مكانتها عنده...فاهتدت إلى أن تهب يومها لعائشة؛ لعلمها أنها حبيبة إلى قلب رسول الله ، وحتى لا تشعررسول الله بالحرج، وبررت له ما أقدمت عليهبقولها: ما بى على الأزواج من حرص، ولكنى أحب أن يبعثنى الله يوم القيامة زوجًا لكوتفرغت للعبادة والصلاة
وكانت السيدة عائشة - رضى اللَّه عنها- تغبطها على عبادتها وحسن سيرتها، قالت: ما رأيت امرأة أحب إلى أن أكون في مِسْلاخها(هديها وصلاحها) من سودة
ولما خرجت سودة -رضى الله عنها- مع رسولالله إلى حجة الوداع قال: "هذه الحجة،ثم ظهور الحُصْر" أى الْـزَمْـنَ بيوتكنّ ولا تخرجْنَ منها. فكانت - رضى اللهعنها - تقول: حججت واعتمرت فأنا َأَقرُّ في بيتى كما أمرنى الله عز وجل، ولا تحركنادابة بعد رسول الله.
وكانت السيدة سودة -رضى الله عنها- زاهدةفي الدنيا مقبلة على الآخرة. بعث إليها عمر بن الخطاب -رضى الله عنه- في خلافته ببعضالدراهم، فوزعتها على الفقراء والمساكين
وظلت كذلك حتى توفيت في آخر خلافة عمر فحضرجنازتها، وصلى عليها، ودفنت بالبقيع
صلاح صيام
Salah_alwafd@yahoo.com