القاهرة 10 يوليو 2014 الساعة 01:10 م
* بعد مرور عشر حلقات من مسلسلات رمضان. أي ثلث المساحة الزمنية لها. بدأت ملامحها تتشكل وأيضا توالت الاكتشافات علينا كمشاهدين من خلال مهرجان التليفزيون الأكبر الذي يعقد سنويا علي الهواء وليس في الغرق المغلقة للمهرجانات المعتادة. وفي كل مكان من العالم العربي. وليس في مصر وحدها. وبغض النظر عن طقوس وتقاليد الناس في الشهر الكريم. فإن شرائح كبيرة منهم تعودت الانتباه للمسلسلات في رمضان. وهو ما أدركه صناعها جيدا ونجومها فركزوا علي تواجدهم في هذا الوقت تحديدا. وهو تواجد لا يوجد مثيل له في أي وقت آخر من العام. ومن هنا فإن دراما رمضان التليفزيونية هي المناسبة الوحيدة الآن لظهور النجوم علي الشاشات الكبيرة والصغيرة تقريبا بعد تراجع الإنتاج السينمائي وبدون رمضان لا يستطيع المشاهد رؤية أعمال جديدة لعادل إمام والفخراني ويسرا وليلي علوي تحديدا وهم الأكثر مواظبة علي تقديم أعمال جديدة سنويا بينما يظهر بقية النجوم من نفس الجيل في عام ويختفون عاما لكن بدون فراغ إنتاجي فالأجيال الجديدة من العاملين بالدراما تحتل أغلب المساحات الآن. وأسماء النجوم كما تكتب علي التيترات وفي القنوات تجددت ومثلما يكتبون أسماء محمود عبدالعزيز أو أحمد عز أو هند صبري في الإعلانات المكثفة بين فواصل العرض في كل القنوات فإنهم يكتبون أيضا أسماء محمد رمضان وعمرو يوسف وكندة علوش وباسم ياخور ودرة وميريام فارس.. هل رأي أحدنا تمثيلية أو فيلما من قبل لميريام فارس؟ لكنها موجودة الآن كبطلة لمسلسل وهي المغنية مثل تامر حسني بينما انسحب محمد فؤاد المغني والممثل الجيد. ليقدم في رمضان برنامج مقالب!.. رمضان ليس فقط شهرًا لعرض الإنتاج الدرامي الجديد وتقديم مائدة متخمة للمشاهد. ولكنه أصبح يمثل "كشف حالة" لحالة الإنتاج الفني في مصر. فيما يخص الإنتاج والتأليف والإخراج والتمثيل انه مهرجان كاشف لعلاقات القوي الإنتاجية في المنطقة العربية كلها. لكن بدون معلومات دقيقة. ففي الوقت الذي كتبت عدة صحف ومواقع أن عدد المسلسلات التي تم إنتاجها هذا العام تجاوز 40 مسلسلا قدمت وكالة "رويترز" عددا آخر هو 38 مسلسلا قالت فيه: ان الممثلين والممثلات العرب قاموا ببطولة 8 مسلسلات معربة هذا العام. والصحيح انها عشرة وليست ثمانية وهذا ليس عيبا لكن العيب هو اختفاء عدد غير قليل من الممثلين المصريين من الشاشات وهذا لا يخص الممثلين العرب ولكنه يخص نظام تشغيل فاشل لم تستطع نقابة الممثلين أو السينمائيين إعادة النظر فيه. السيدة الأولي .. جموح امرأة * من جانب آخر.. يلفت النظر فيما يعرض من مسلسلات هذا العام اختفاء المسلسل التاريخي تماما. للدرجة التي دفعت إحدي القنوات لإعادة عرض مسلسل "نابليون والمحروسة" أما "سرايا عابدين" فهو مسلسل يري في التاريخ ديكورا جميلا ومساحة مبهرة للتعبير عن أمور أخري مثل علاقات الأغنياء وأبناء القصور بالفقراء الذين يعملون لديهم وطرق وصول البعض إلي أبواب سادة القصور ومن المؤكد أن الإنتاج الكبير للمسلسل ينتمي لشبكة mbc وليس لأي شركة إنتاج أخري. أما مسلسلا "صديق العمر" و"السيدة الأولي" فهما وأن كانا ينتميان إلي قائمة الأعمال السياسية فإن انتماء "السيدة الأولي" للتاريخ مشكوك فيه فمسيرة حياة السيدة الأولي في الحلقات التي عرضت حتي الآن يؤكد أنها لا تنتمي إلي مصر.. سواء بالسلوك أو التخطيط أو المظهر أو أسلوب الحياة وقد أدهشني تقديم صورة بطلة المسلسل "مريم" التي تقوم بدورها غادة عبدالرازق علي هذا النحو حتي قرأت حوارا في جريدة "الحياة" اللندنية تقول فيه: ان ملامح الشخصية مأخوذة من فورمة تخص الدراما في أمريكا اللاتينية وتقدم أساليب النساء الطموحات هناك في الصعود إلي أعلي السلم الاجتماعي مع اقتناص الفريسة الأكثر قدرة علي تحقيق أحلامها وهي ما نراه الآن علي الشاشة من خلال سيناريو ياسر عبدالمجيد وعمرو الشامي واخراج محمد بكير وبمشاركة الفنان ممدوح عبدالعليم الذي يعود بعد غياب طويل جدا تغيرت أثناءه بعض ملامحه ليقدم دور الرئيس "هاشم" أو المرشح الرئاسي في دراما تتوقف دائما عند مفاجآت البطلة. وتلاعب المشاهد بتقديم لقطة من الماضي ثم لقطة من الحاضر بلا مبرر درامي أو منطقي حتي الآن غير استعراض صورة البطالة وهي شابة منطلقة ترتدي الميني والكرانيش وتفضل الشعر الغجري المصنفر ثم استعراضها وهي زوجة الرئيس بملابس أخري وتسريحات تليق بالنساء المهمات. ابن حلال .. الضرب في الأضعف * ومن بين المسلسلات الأكثر انتشارا الآن "ابن حلال" تأليف حسان دهشان واخراج إبراهيم فخر وكلاهما اسم جديد علي دراما التليفزيون ولكنهما قدما أعمالاً قليلة سابقة وكذلك هو البطولة الأولي لمحمد رمضان بعد أن أصبح بطلا سينمائيا وفي العمل محاولة جيدة لتقديم صورة وحياة الفقراء في الأحياء القديمة وليست العشوائية وفهم واضح للفرق بين المواطن الفقير الكادح وبين البلطجي بدون خلط بينهما. مع عرض للاحتكاك بين طبقات عديدة تتشارك في المكان. سواء السكن أو العمل وهو ما نراه من علاقة "حبيشة" الصعيدي الذي يعول أمه وأخته من عمله كنقاش بجيرانه عائلة رشدي الرجل القاسي وزوجته وابنه وابنته التي تحب حبيشة وترفض تذكيره لها بفقره وضعف حيلته. أيضا يمضي المسلسل في خطوط أخري بعضها وثيق الصلة بالبطل كعلاقاته بصحفية تسكن شقة في عمارة يعمل بها وكيف تطورت من خلال المعاملة الحسنة بينهما فيما حاصرها الآخرون بسوء النوايا اضافة إلي خط ثالث يبدو مقحما حتي الآن وغالبا يدخره المؤلف والمخرج للحلقات القادمة وهو خط "الباشا" حوت البيزنس والصفقات والحكم الذي يطارد ابنه فتاة حسناء أمها ممثلة وينجح المخرج في اختيار ممثلين وإدارتهم إلي درجة عالية من الحساسية وفي مشاهد صعبة مثل انتحار الأم "حنان سليمان" بسبب قسوة زوجها "محمود الجندي" وموتها في المستشفي.. لكن للأسف فإن ما يركز عليه البرومو في كل القنوات هو مشاهد الضرب والعنف.. وكأن صانع كل هذه البروموهات واحد يبحث عن مشاهد بعينها. عد تنازلي .. أين يسكن الإرهاب ؟ * ما هي حدود الانتقام.. وهل يصلح الحكم علي العالم كله بالتدمير ذريعة للانضمام إلي الإرهابيين؟!.. حول هذه الفكرة يطرح المؤلف تامر إبراهيم والمخرج حسين المنياوي - والأسماء جديدة علي دراما التليفزيون - مسلسلهما المعتون "عد تنازلي" حول مدرس بالجامعة "عمرو يوسف" يؤخذ بالشبهات من قبل الأمن بسبب اعطائه درسا لطالب اتضح انه مطلوب أمنيا يحاول الأستاذ الدفاع عن تلميذه فيتسبب في سقوط ضابط علي الأرض فيصبح مطلوبا هو الآخر ولمدة شهرين يعتقل ويعذب بدون أية معلومات لأسرته خاصة زوجته وطفله الصغير وأبيه العجوز.. وفي أثناء هذا الوقت يحاول ضابط بغرفة البحث عنه واخراجه فيصطدم بآخرين وتتداخل كل الأزمات خاصة حين يقرر البطل الانتقام ممن عذبوه ويلجأ إلي صناعة متفجرات فتلتقطه الجماعات الإرهابية وتجده صيدًا عظيمًا. وهكذا تستمر الأحداث بدون محاولة لالتقاط الانفاس في دراما تحفل بالكثير من المشاهد السريعة والمطاردات والتفجيرات وأيضا بمحاولة تقديم عالم الداخلية حيث يتناحر ضباطه ويشكون في بعضهم البعض. وتصل الشكوك أحيانا إلي التخوين ليتضح ان الاختراق موجود حتي في السجن حين يفلت "سليم" المدرس الذي أصبح إرهابيا من حبل المشنقة.. ومن المؤكد أن البطل سوف يعيد النظر في رغبته الجنونية في الانتقام وفي استخدامه من قبل الشيخ رجب وجماعته. لكننا هنا بازاء مسلسل قدم مشهدا حول كيفية صناعة المتفجرات ومشاهد عديدة حول تضليل الناس بخطاب مراوغ ولم يلجأ أكثر إلي توسيع دائرة التعامل مع أبطال محدودين وكأنه يحاصرنا بما نعرفه جيدا من حوادث قبض عشوائي تحول الأسوياء إلي غير ذلك وتزيد من حساسيات العلاقة بين الناس والأمن وهنا أزمة هذا العمل الذي لا يريد التقدم نحو معالجة مختلفة عن المجرم والضابط المتكررة وانما يشغل نفسه بتقديم أسلوب الإرهابيين في الانتقال من مكان لمكان وفي مغازلة الآخرين للانضمام إليهم وهو ما نعرفه جيدا. ثم عدم توضيح العلاقات داخل جهاز الأمن بل غموضها الذي ربما يكون مقصودا تماما. تفاحة آدم .. ثلاثية النصب * في "تفاحة آدم" للكاتب محمد الحناوي والمخرج علي إدريس دراما تقدم مباراة ممتعة في التقمص داخل إطار العمل وحيث يغير بطل المسلسل "خالد الصاوي" وجهه وشخصيته من أجل الكشف عن خطايا الآخرين بكل صورها انه الصحفي والكاتب والفلاح والخواجة الذي يمتلك خبرة كبيرة بأساليب النصب والتحايل علي الآخرين الذين يعرفهم جيدا ويدرك ان مهمته ابتزازهم وفضحهم.. أما لماذا.. فلا أحد يعرف إلا هو نفسه. حتي مساعدوه الثلاثة وهما فتاتان وشاب "بشري وريهام عبدالغفور ومحمد الشقنقيري" لا يعرفون لماذا وكيف يساعدونه ضد الآخرين.. خاصة النصابين باسم الدين مثل الشيخ منصور وجماعته من الشيوخ والذين يعشقون الدنيا وفي مشهدين جديدين علي الشاشة نري منصور وهو يستجيب لرضوي المنقبة ويطالبها بألا تتبرع لأحد غيره. ثم يحدثها عن جهاد النكاح قبل أن تصل الصورة إلي الجميع وتعلن جماعته حالة استنفار فتظهر فتاة تتقدم صفوف عدد من الشباب للبحث عمن يهاجم الجماعة التي تدافع عنها وربما يحتاج الأمر إلي اقناع أكبر فيما يخص هذه القصة تحديدا. لكننا في الجانب المقابل نري قيادات الأمن في حالة غضب من كل ما يحدث. وبحث عن النصابين باسم الدين وباسم الحفاظ علي المجتمع.. ويشير العمل اشارات متعددة إلي فشل الأمن وفي هذه المرحلة "عام 2012" في الامساك بمقاليد الأمور كما يطرح شخصيات متعددة داخل الجهاز تحاول أداء عملها ومنها من ترك عمله محبطا بعد وفاة ابنه في المظاهرات كاللواء شريف "زكي فطين عبدالوهاب" والذي يرفض العودة إلي العمل حتي يجد أمامه جنديين يحرسان مبني يموتان بطلقات إرهابية ساعة الطعام. المرافعة .. ونفوذ الوطني ورجاله * في "المرافعة" لتامر عبدالمنعم مؤلف لأول مرة واخراج عمر الشيخ تعود بنا المسلسلات إلي أيام مبارك مع البطل جمال أبوالوفا "باسم ياخور" رجل الأعمال الكبير وصهر الحكومة وحزبها والذي يحب ويتزوج باستمرار خارج دائرة الأسرة وزوجته أم الأولاد جليلة "شيرين رضا" وولديه الكبيرين الأول رئيس شبكة تليفزيون والثاني خريج إعلام يقرر انشاء جريدة يومية له في الحلقة العاشرة ثم أمه "سميحة أيوب" وزوجة الظل "دينا" ومحاميه "فاروق الفيشاوي" الذي نراه في المحكمة في مشاهد يتذكر بما نراه في الواقع في محاكمة مبارك ونجليه وأخيرا رجل المهام القذرة لديه "تامر عبدالمنعم" الذي ينفذ مهام لا يستطيع سكرتيره الخاص "كريم كوجاك" تنفيذها - سيناريو نشعر بأنه معاد ومكرر مع اختلاف التفاصيل واختلاف الأماكن والمنتجعات والقصور وحيث يخبرنا مشهد المحاكمة في الحلقة العاشرة أن البطل داخل قضبان المحكمة وان محاميه القوي يقود "المرافعة" بينما تجلس الأسرة في مقاعد المتفرجين. امبراطورية مين .. المبالغة درجات * في امبراطورية مين.. للكاتبة غادة عبدالعال والمخرجة مها أبوعوف يضعنا السيناريو أمام درجات من المبالغة في اختياره للمواقف التي تحدث للأسرة المصرية التي تركت لندن بعد ثورة يناير لتشارك في التغيير في بلدها مصر وهي أسرة صغيرة مرفهة الأم هند صبري والأب محمد شاهين وطفلة مراهقة وطفل صغير ومعهم الجدة سلوي خطاب بينما رفض الجد عزت أبوعوف العودة وصار يتابع أخبارها عن طريق النت وتبدأ المبالغة من لحظة الوصول للمطار حين تنحني الزوجة لتقبل أرض الوطن ثم تعلو مع مواقف عديدة وتهبط في أحيان حين لا تجد الكاتبة مفراً من تقديم موقف ليس فيه جديد مثل موت جدة المرأة التي تعمل في المنزل ومثل حكاية اللجان الشعبية التي تحولت هنا إلي لصوصية وفرض لسطوة البلطجية ومثل تعرض أميرة بطلة المسلسل وصديقة لها حضرت لمصر إلي عنف وسرقة من أصحاب الجمال وأيضاً تعرض الأسرة للقتل لمرات عديدة والحقيقة ان هذا المسلسل الذي كان مفترضاً فيه ان يكون كوميدياً ساخراً يعاني من أمرين الأول هو سوء اختيار مواقف عديدة للأسرة وثانياً هو رد الفعل الذي يبدو فيه الابتعاد عن القضايا الحقيقية واضحاً أما بناء الشخصيات القليلة فيه والأداء فهو يدعو للعجب فلا يوجد بناء درامي بالمعني الواضح اضافة إلي الشخصية الانفعالية للبطلة وأملها وكون هذه الأم تنتمي لفئة النساء المدافعات عن حقوق المرأة وبأسلوب يجعلون المشاهد يكره هذه الحقوق من خلال ما ابتدعته المؤلفة من مشاهد مثل رفض الاحتفال بعيد الأم وغيرها أنه حتي الآن مسلسل يحاول ان يضع يده علي مشاكل مصر بعد الثورة بدون أن يدخل إلي عمقها بل إنه يتوقف وكأننا في مدرسة ليشرح لنا ثم حدث ما حدث في كل مشهد.
|